ففهمت من ذلك أن كاتبها كان حيا حتى ذلك التاريخ، ويتضح من ذلك أنها نسخت منذ مائتين وخمسة وثلاثين عاما تقريبا، وعدد صفحاتها أربعمائة وثمانون صفحة، ومسطرتها ثمانية عشر سطرا، فاستخرت الله وعزمت أن أعتمد عليها فى التصحيح والتحقيق رغم خطها الذى لا يقرأ إلا بصعوبة ومشقة، وذلك لعدم نقط الحروف أولا ولعدم الفوارق التى تميز بين الحروف ثانيا حتى يشتبه عليك الكاف واللام كما يلتبس عليك الميم والراء فى آخر الكلمة، ومشينا خطوات فى التحقيق لا بأس بها رغم كل هذه الصعوبات، ثم فوجئنا بسقوط فقرات اختل لفقدها المعنى واضطرب لسقوط التركيب، وأصبحنا كمن يقرأ ألغازا لا يجد لها حلا، ورحنا نفتش عن نسخة أخرى، وفى اليوم التالى بشرنى الأستاذ عبد الحميد السنارى الموجه الدينى بمنطقة المدينة المنورة التعليمية بوجود نسخة مخطوطة بخط فارسى قديم يصعب قراءته، والنسخة موجودة بمكتبة مدرسة دار الحديث بالمدينة المنورة، وعدد صفحاتها ثلاثمائة وأربع وثمانون صفحة، ومسطرتها سبعة عشر سطرا.
ولا يفوتنى هنا أن أسجل ما للأستاذ عبد الحميد من فضل كبير، فقد ساعدنى كثيرا بوقته وجهده وعلمه طوال فترة المقابلة التى قضاها معى فى المكتبات المختلفة، واعانتنا النسخة الأخيرة على استكمال كثير من الفقرات والكلمات التى فقدت فى النسخة الأولى، ومع هذا فكنا نتعثر فى كلمات لا نستطيع قراءتها أحيانا، وأحيانا لا نجد لها فى معجمات اللغة معنى لتحريف فيها، وكثيرا ما كانت تواجهنا جمل غير مستقيمة المعنى لما فيها من تقديم وتأخير، فأما الكلمات التى لم استطع قراءتها فكنت اقرأ ما قبلها وما بعدها واضع مكانها كلمة مناسبة يستقيم بها المعنى دون خلل او اضطراب، واما الكلمات التى لم أقف على معناها فى المعجمات فقد أشرت اليها فى التعليق بقولى (هكذا وجدت فى الأصل ولعل المراد كذا)، واما الجمل التى اختل معناها لاختلال تركيبها فكنت أقدم ما يستحق التقديم وأؤخر ما محله التأخير حتى يستقيم المعنى، كما شرحت الكلمات الصعبة فى ذيل كل صفحة، ومع هذا فانى أشعر أنه لا بد من هفوات يدركها ذوو البصائر والمعرفة، والأمل
1 / 8