188

تولى زعامة الغزاة ثلاثا وعشرين سنة، فما وهن عزمه، ولا فل حده، ولا أغمد سيفه، ولا حط سرجه.

وما كان إلا النار في كل موضع

تثير غبارا في مكان دخان

والنفس الكبيرة تستهين بالصعاب، وتطرق على المنايا الأبواب، وما الجيوش الجرارة، والحروب المستعرة في همة الرجل العظيم إذا صمم.

فأثبت في مستنقع الموت رجله

وقال لها: من تحت أخمصك الحشر

وحسبي من الإفاضة في وصف عثمان والإشادة بذكره أن أنقل هنا ما كتبه أصحابه الغزاة على قبره:

هذا قبر شيخ الغزاة، وصدر الأبطال والحماة، واحد الجلالة، ليث الإقدام والبسالة، علم الأعلام، حامي ذمار الإسلام، صاحب الكتائب المنصورة، والأفعال المشهورة، والمغازي المسطورة، إمام الصفوف، القائم بباب الجنة تحت ظلال السيوف، سيف الجهاد، قاصم الأنجاد، وأسد الآساد، العالي الهمم، الثابت القدم، الهمام الماجد الأرضى، البطل الباسل الأمضى، المقدس المرحوم، أبي سعيد عثمان ، ابن الشيخ الجليل الهمام الكبير، الأصيل الشهير، المقدس المرحوم، أبي العلاء إدريس بن عبد الله بن عبد الحق، كان عمره ثمانيا وثمانين سنة، أنفقه ما بين روحة في سبيل الله وغدوة، حتى استوفى في المشهور سبعمائة واثنتين وثلاثين غزوة، وقطع عمره مجاهدا مجتهدا في طاعة الرب، محتسبا في إدارة الحرب، ماضي العزائم في جهاد الكفار، مصادما بين جموعهم تدفق التيار، وصنع الله تعالى له فيهم من الصنائع الكبار ما سار ذكره في الأقطار، أشهر من المثل السيار، حتى توفي رحمه الله وغبار الجهاد طي أثوابه، وهو مراقب لطاغية الكفر وأحزابه، فمات على ما عاش عليه، وفي ملحمة الجهاد قبضه الله إليه، واستأثر به سعيدا مرتضى، وسيفه على رأس ملك الروم منتضى، مقدمة قبول وإسعاد، ونتيجة جهاد وجلاد، ودليلا على نيته الصالحة، وتجارته الرابحة، فارتجت الأندلس لبعده. أتحفه الله برحمة من عنده.

توفي يوم الأحد، الثاني لذي الحجة من سنة ثلاثين وسبعمائة. رحمه الله.

مدنية زائفة1

Shafi da ba'a sani ba