185

وطول اختباري صاحبا بعد صاحب

فلم ترني الأيام خلا تسرني

مباديه إلا ساءني في العواقب

ولا قلت أرجوه لدفع ملمة

من الدهر إلا كان إحدى المصائب

طوى الأمير أربعين عاما في إمارته، شاع فيها ذكره، ونبه اسمه، وحلب الدهر أشطره، وخبر أحداثه وعبره، ثم حم القضاء.

بعث ابن تاشفين جنوده على ملوك الطوائف تثل عروشهم، وتعفي على آثارهم، ولقي «رجلا الجزيرة» الصدمات الأولى، فدارت على المعتمد الدائرات، فإذا هو أسير أغمات. وللمعتمد بن عباد قصة ملؤها العبرات والزفرات.

وعلم ابن صمادح بما أصاب صاحبه، فملكه الغم، وناء به الحزن. وكان أسعد من صاحبه جدا؛ نجاه الموت من الإسار، وأنقذه الحمام من المذلة والعار، ورحم الله أبا الطيب: «رب عيش أخف منه الحمام.»

يقول ابن بسام: وكان بين المعتصم وبين الله سريرة، أسلفت له عند الحمام يدا مشكورة، فمات وليس بينه وبين حلول الفاقرة به إلا أيام يسيرة، في سلطانه وبلده، وبين أهله وولده.

دع ما نمق الكتاب، وأنشد الشعراء، ودع أربعين عاما طواها الزمان كأنها أحلام، وانظر المعتصم ليلة الخميس لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة؛ الليلة التي طلع عليه بالردى فجرها.

Shafi da ba'a sani ba