57

Atyaf Min Hayat May

أطياف من حياة مي

Nau'ikan

حزن وكآبة

وانتهت رحلة ألمانيا، وعادت الآنسة مي إلى مصر، فعلمت أنه سافر إلى أسوان لوفاة شقيق له يدعى «مصطفى». وكان هذا الشقيق شابا رياضيا نشيطا يعشق الرياضة ويزاولها كثيرا، فكسرت ذراعه في إحدى المرات، وعلى الرغم من علاجه وشفائه، فإنها كانت تعوقه عن مزاولة الرياضة، وخاصة السباحة التي كان يعشقها، فلما جاء وقت الفيضان أبى إلا أن يسبح كعادته مع بعض الشبان، فخانته ذراعه ومات غرقا في النيل؛ فأرسلت إليه «مي» تلغرافا عزته فيه عن مصابه، فرد عليها بخطاب شاكرا لها هذا العزاء، وقد قال فيه:

عزيزتي مي «سافرت كما تعلمين إلى أسوان بغير قصد مني، ووددت أن أكون بالقاهرة حين عودتك من برلين، وقد آثرت أن أكتب إليك هذه الرسالة بدلا من التلغراف.»

ثم جعل يغازلها بعبارات مسجوعة يصف فيها رقتها وأنوثتها الفياضة وروحها العذبة. ثم قال: «لولا أني أشعر بالتعب من تأثير مصابي بأخي مصطفى لقلت لك الكثير. وإذا كان الإنسان في مصابه يتعزى حين يرى أحبابه وأصدقاءه يشاركونه شعوره فإني أبعث مع هذا بتلك الأبيات التي رثيت فيها أخي، ونقشتها على قبره. ولست أقصد أن تشاركيني في أحزاني، ولا أن تشعري مثلي بالكآبة، فأنا أود - لو أستطيع - أن أجمع كل ما في الدنيا من غبطة وسرور لأقدمها إليك. ولكن الأدب يحيا بالقراءة، ولا سيما إذا قرأته «مي». أما الأبيات، فهي:

أيها القبر فيك غصن رطيب

قصفته المنون قبل أوانه

مثلما تعبث السموم بزهر

عاطر ناضر على أغصانه

بنت يا مصطفى، وما بنت عن قل

ب كسير يذوب في أشجانه

Shafi da ba'a sani ba