ثم ظهرت الماتريدية١ والأشاعرة٢، وزعموا التوسط بين منهج أتباع السلف الصالح، وبين المعتزلة، فوافقوا المعتزلة والجهمية ببعض قولهم، ووافقوا السلف ببعض قولهم، فأخذوا من التجهم بنصيب.
وقد امتطت هذه الفرق -كما فعل المتشيعة والمتصوفة- التأويل لإبطال دلالة نصوص التنزيل، قال ابن القيم ﵀: "الفصل الخامس والعشرون: في ذكر الطواغيت الأربعة الني هدم بها أصحاب التأويل الباطل معاقل الدين، وانتهكوا بها حرمة القرآن، ومحوا بها رسوم الإيمان وهي:
قولهم: أن كلام الله، وكلام رسوله أدلة لفظية، لا تفيد علمًا ولا يحصل منها يقين.
١ الماتريدية: أتباع أبي منصور محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي الحنفي المتوفي سنة ٣٣٣هـ. وماتريد محلة من سمرقند، من بدعتهم الإرجاء، ونفي بعض الصفات، وغير ذلك.
انظر: الفرق الإسلامية الكلامية ٣٤١، والماتريدية وموقفهم من توحيد الأسماء والصفات.
٢ الأشاعرة: هم المنتسبون إلى أبي الحسن بن إسماعيل الأشعري بعد أن ترك الاعتزال، وأخذ بمذهب الكلابية، وهم مرجئة في باب الإيمان، معطلة لبعض الصفات، جبرية في باب القدر، ولهم بدع أخرى.
انظر: الفرق الكلامية الإسلامية ٢٧٨، ومجموع الفتاوى ١٢/٢٠٤، ٣٦٨ و١٣/١٣١.