19
محفوظتان في زجاجة، وقد حفظت جميعها في أربعة صناديق صغيرة من الفضة ملفوفة في قطع من الديباج الأخضر المطرز: المكحلة والمرود في صندوق، والشعرتان في صندوق، والقميص في صندوق، والقضيب في صندوق، وفقدت بقية الآثار التي كانت معها، وهي القطعة من العنزة، والقطعة من القصعة، والمخصف، والملقط، والمشط، ولا يعلم في أي زمان فقدت.
تنبيه
قال ابن إياس في حوادث المحرم من سنة 889ه: «وفيه توفي الشيخ ولي الدين أحمد شيخ الآثار النبوية وقاضي ثغر دمياط وكان دينا خيرا حسن السيرة لا بأس به» ا.ه. وهي عبارة مبهمة قد يفهم منها أنها آثار نبوية أخرى بدمياط كانت في نظر قاضيها، وقد تبين لنا بعد بحث طويل استوعبنا فيه تراجم الأحمدين بالضوء اللامع للسخاوي أن المراد الآثار المعروفة التي بالقاهرة، وأن الشيخ ولي الدين المذكور كان شيخا عليها ثم نقل قاضيا لدمياط وتوفي بها، وملخص ما جاء عنه في هذا الكتاب أنه الشيخ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن إبراهيم البارنباري الشافعي سبط داود بن عثمان السبتي، ولد بمصر سنة 828، واشتغل على البهاء بن القطان والشهاب بن مبارك شاه والبرهان المتبولي وغيرهم، وكتب الإملاء عن الحافظ بن حجر، وسمع الحديث على جماعة منهم عمه النور علي والبدر النسابة وهاجر القدسية، وناب في القضاء عن المناوي، واستقر به العز الكناني سنة 870 شيخا على الآثار، ثم استقر به الزين زكريا في قضاء دمياط بعد الصلاح بن كميل، وحمد في ذلك كله لعقله ومداراته وخبرته وسياسته مع فضيلة وتواضع، وكتب على مختصر أبي شجاع معلولا ومختصرا، وشرع في شرح على المنهاج، ومات وهو بدمياط ليلة الثلاثاء ثالث عشر المحرم سنة 889، ودفن بتربة تجاه فتح الأسمر. ا.ه. قلنا: وقول السخاوي فتح الأسمر جرى فيه على المشهور عند العامة، والصواب أنه العارف بالله فاتح بن عثمان الأسمر التكروري القادم من مراكش إلى دمياط، والمتوفى بها سنة 695 ترجمه المقريزي في خططه في كلامه على دمياط ترجمة حافلة بين فيها وهم العامة في اسمه وذكر له مناقب جليلة في الزهد والورع وسلوك طريق السلف من التمسك بالكتاب والسنة، رحمه الله تعالى ورضي عنه.
هوامش
آثار القدم الشريفة على الأحجار
قلنا في كلامنا على رباط الآثار المسمى بعد ذلك بجامع أثر النبي إن به حجرا تزعم العامة أن عليه أثر القدم النبوية الشريفة وليس بصحيح، ووعدنا بمعالجة البحث فيه وفيما يماثله من الأحجار في هذه التتمة فنقول:
المعروف الآن من هذه الأحجار سبعة: أربعة منها بمصر، وواحد بقبة الصخرة ببيت المقدس، وواحد بالقسطنطينية، وواحد بالطائف، وهي حجارة سوداء إلى الزرقة في الغالب عليها آثار أقدام متباينة في الصورة والقدر لا يشبه الواحد منها الآخر، وقد ألف العلامة أحمد بن محمد الوفائي الشافعي المعروف بابن العجمي المتوفى سنة 1086 رسالة سماها: «تنزيه المصطفى المختار عما لم يثبت من الأخبار» بين فيها عدم صحة هذه الأحجار، وأن لا سند لما ورد فيها، ونقل عن الإمام ابن تيمية أنها من اختراع الجهال وأن ما يروى من حديث تأثير قدمه
صلى الله عليه وسلم
في الصخر إذا وطئ عليه من الكذب المختلق، وفي ج1 ص260 من مجلة «الهداية الإسلامية» نبذة في ذلك لأستاذنا العلامة مديرها لخصها من هذه الرسالة فلتراجع. وسنورد في آخر هذه التتمة خلاصة نذكر فيها من تكلم على هذه الأحجار من العلماء الأعلام نفيا وإثباتا بعد أن نستوفي البحث فيها من الوجهة التاريخية مبتدئين بما بمصر منها على ما يأتي:
Shafi da ba'a sani ba