Asl al-Zarari Sharh Sahih al-Bukhari - Manuscript
أصل الزراري شرح صحيح البخاري - مخطوط
Mai Buga Littafi
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
Inda aka buga
https
Nau'ikan
موضعين متباينين، خرج ﵇ مرة فكبر، ثم ذكر أنه جنب، فانصرف فاغتسل، ثم جاء فاستأنف بقيام الصَّلاة، وجاء مرة أخرى، فلما وقف ليكبر؛ ذكر أنه جنب فانصرف فاغتسل، وجاء مرة أخرى، فلما وقف ليكبر؛ ذكر أنه جنب قبل أن يكبر، فذهب فاغتسل، ثم رجع فأقام بهم الصَّلاة من غير أن يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر، فإنَّ قول أبي بكرة: (فصلى بهم)؛ أراد بذلك أنَّه بدأ بتكبير مُحْدَثٍ لا أنَّه رجع فبنى على صلاته، إذ محال أن يذهب ﵇ ليغتسل ويبقي الناس كلهم قيامًا على حالهم من غير إمام إلى أن يرجع) انتهى.
قال في «عمدة القاري»: (وروي عند بعض أصحابنا: أن انتظارهم له هذا الزمن الطويل بعد أن كبروا من قبيل العمل اليسير، فيجوز مثله، فإن قلت: كيف قلت: كبروا؟ قلت: لأنَّ العادة جارية بأن تكبير المأمومين يقع عقب تكبير إمامهم، ولا يؤخر ذلك إلا القليل من أهل الوسوسة، فإن قلت: إذا ثبت أنه ﵇ لم يكبر، فكيف كبروا؟ وأيضًا فكيف أشار إليهم ولم يتكلموا، ولم انتظروه قيامًا؟ قلت: أمَّا تكبيرهم؛ ففي رواية: (تكبيره ﵇، وأمَّا قولك: ولم يتكلم؛ فيرده قوله: «مكانكم») انتهى.
قلت: وقوله: (من أهل الوسوسة)؛ فإنا قد شاهدنا كثيرًا من المتعصبين من الشافعية يجيء أحدهم إلى خلف إمامه فيكبر الإمام ويجتهد المأموم بالنية، ثم يقول: الله أكبر، ثم يسلم، ويتعوذ من الشيطان، ثم يكبر، وهكذا إلى أن يفرغ الإمام من صلاته، فيجيء إلى إمام آخر، ويفعل مثل الأول، ثم يفرغ الإمام من صلاته، وهو لم يشرع معه ثم يذهب ويصلي إمامًا، وما هذا إلا من شدة اتصال الشيطان به، وقالوا: الوسوسة إما من خلل في العقل أو في الدين، وعلى كلٍّ؛ فهي بدعة منكرة، وهذا الفعل مذموم شرعًا، ففي زعمه أنه من الصالحين، والحال أنه من جند إبليس رئيس الشياطين، والله تعالى أعلم.
(فصلينا) معشر الصحابة (معه)؛ أي: مع النبيِّ الأعظم ﷺ صلاة الفجر، كما في حديث أبي بكرة المصرح به (^١)، ففي الحديث طلب تعديل الصفوف وهو مستحب بالإجماع، وشذ ابن حزم، فزعم أنه فرض على المأمومين، الأول فالأول والتراص والمحاذاة بالمناكب والأرجل.
قال في «عمدة القاري»: فإن قلت: في رواية: «أقيمت الصَّلاة فقمنا فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج فكيف هذا»، وقد جاء: «إذا أقيمت الصَّلاة؛ فلا تقوموا حتى تروني»، قلت: لعله كان مرة أو مرتين؛ لبيان الجواز، أو لعذر، أو لعل قوله: «فلا تقوموا حتى تروني» بعد ذلك، والحكمة في هذا النهي؛ لئلا يطول عليهم القيام، ولأنَّه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه.
وفي الحديث: وهو قول الإمام الأعظم وأصحابه ﵃، وهو ظاهر فإن في رواية ابن ماجه من حديث أبي هريرة، وفي رواية الدارقطني من حديث أنس، وفي رواية أبي بكرة: (دخل في صلاة فكبر وكبرنا معه، ثم أشار إليهم، فمكثوا، ثم انطلق فاغتسل وكان رأسه يقطر ماء فصلى بهم، فلما انصرف)، فقوله: (فصلى بهم)؛ معناه: أتم صلاته بالتكبير الأول، وهو ظاهر الحديث؛ لأنَّه لو كان كبر ثانيًا؛ لصرح به، فعدم تصريحه به دليل على عدم وجوده؛ لأنَّ الأصل بقاء ما كان على ما كان، ولا مانع من بقاء الناس قيامًا على حالهم من غير إمام؛ لأنَّ هذا الانتظار عفوٌ؛ لأنَّه من قبيل العمل اليسير، ويدل لهذا قوله في الروايات: (ثم أشار إليهم فمكثوا)؛ معناه: وقفوا قيامًا على حالهم الأول، أو مكثوا قعودًا، ويدل له ما في بعض الروايات السابقة: (فأومأ إليهم أن اجلسوا)، والحكمة لهذه الإشارة عدم وقوع مُفسِد منهم للصلاة من تحوُّلٍ عن القبلة أو تنحنح أو غيرهما، فرجع ﵇ وبنى على صلاته وهو ظاهر، وبما قررناه ظهر فساد ما قدمناه عن ابن حبان؛ فافهم والله أعلم.
وفي الحديث: ما استدل به المؤلف على الجنب إذا دخل في المسجد ناسيًا فذكر أنه جنب؛ يخرج منه، ولا يتيمم، فلذلك ذكر في الترجمة قوله: (يخرج كما هو ولا يتيمم).
وقال ابن بطال: (من التابعين من يقول: إنَّ الجنب إذا نسي فدخل المسجد، فإنه يتيمم ويخرج، قال: والحديث يردُّ عليهم).
قال في «عمدة القاري»: (قلت: من الذين ذهبوا إلى التيمم الإمام الأعظم، فإنه قال: (الجنب المسافر يمر على مسجد فيه عين ماء، فإنه يتيمم، ويدخل المسجد فيستسقي، ثم يُخرج الماء من المسجد)، وبه قال إسحاق، والنووي، وفي «نوادر ابن أبي زيد»: (من نام في المسجد، ثم احتلم؛ ينبغي أن يتيمم لخروجه)، وقال ابن بطال: (والحديث يدل على خلافه؛ لأنَّه لما لم يلزمه التيمم للخروج كذلك من اضطر إلى المرور فيه جنبًا؛ لا يحتاج إلى التيمم).
قلت: دلالة الحديث ظاهرة مما تقدم قريبًا.
وقوله: (لأنَّه لما لم...) إلخ هذا قياس مع الفارق؛ لأنَّه إنَّما لم يلزمه التيمم للخروج؛ لأنَّ الواجب عليه الخروج فورًا عند ذكره أنه جنب، فلو ألزمناه بالتيمم؛ يلزمه المكث ضرورة، وهو ممنوع منه، والنسيان قد رفع عنه الإثم فلا يلزمه التيمم، وأمَّا من كان خارج المسجد وهو جنب؛ فإنه لا ضرورة له لدخوله إلا أن يكون جنبًا مسافرًا، وهو متمكن من التيمم؛ حيث إنه خارج المسجد وبعيد عن الماء فلما علم بوجود الماء في المسجد؛ يلزمه التيمم لدخوله؛ لأنَّه لا ضرورة تَدْعُو (^٢) إلى دخوله إلا الماء لفقده في الأسفار، وهذا ظاهر من الآية، فالقياس غير صحيح، كما لا يخفى.
واختلف في المرور للجنب والحائض في المسجد، فمنعه الإمام الأعظم، والجمهور، ومالك؛ لما أخرجه أبو داود، وابن ماجه عن عائشة ﵂ قالت: جاء رسول الله ﷺ وبيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: «وجهوا هذه البيوت، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»، ورواه المؤلف في «تاريخه الكبير»، وأخرج الترمذي عن أبي سَعِيْد الخدري: قال رسول الله ﷺ: «يا عليُّ؛ لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك»، وقال: حديث حسن.
وأخرج القاضي إسماعيل في «أحكام القرآن»: (أنه ﵇ لم يكن أذن لأحد أن يمر في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنب إلا علي؛ لأنَّ بيته كان في المسجد، وهو مرسل قوي، كما قاله الحفاظ)، ولقوله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى..﴾؛ الآية [النساء: ٤٣]، فقد نقل الرازي عن ابن عمر، وابن عباس: أنَّ المراد بـ ﴿عَابِرِي سَبِيلٍ﴾: المسافريعدم الماء يتيمم ويصلي، والتيمم لا يرفع الجنابة، فأبيح لهم الصَّلاة تخفيفًا، فالمراد بالآية نفس الصَّلاة، وحملها على مكانها مجاز على أنا نحمله على عمومه، فنقول: لا تقربوا الصَّلاة ولا مكانها على هذه الحالة إلا أن تكونوا مسافرين، فتيمموا واقربوا ذلك فصلوا، كذا قاله صاحب «عمدة القاري».
وقد قال الزجاج في «معاني (^٣) القرآن»: (إنَّ المراد بـ ﴿عَابِرِي سَبِيلٍ﴾: المسافر)، وقال جماعة من العلماء: إنَّ (إلا) في الآية بمعنى: (ولا)؛ والمعنى: ولا جنبًا ولا عابري سبيل، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَاّ خَطَئًا﴾ [النساء: ٩٢]، فإن معناه: ولا خطأ، كما لا يخفى، وعلم مما تقدم أن دخوله ﵇ ودخول عليٍّ المسجد جنبًا ومكثه فيه من خواصهما، وأمَّا جوازه لأهل البيت، وكلبس الحرير لهم؛ فهو اختلاق من الشيعة وغيرهم من أهل الضلال والزيغ؛ فافهم، وقد بسطه صاحب «البحر»، والله أعلم.
وجوَّزه الشافعي من غير لبث سواء كانت له حاجة أم لا، وحمل الآية على المجاز؛ وتقديره: لا تقربوا مواضع الصَّلاة جنبًا إلا عابري سبيل، فالعبور قرينة لذلك، وقد سمي المسجد باسم الصَّلاة في قوله تعالى: ﴿لهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ﴾ [الحج: ٤٠]، وجوَّز أحمد جلوس الجنب في المسجد ومروره فيه إذا توضأ، واعترض الكرماني على من منعه، فزعم إذا وجدت القرينة؛ يجب القول بالمجاز، وهنا العبور قرينة مانعة عن إرادة الحقيقة، ثم الحمل على العموم ممتنع؛ إذ يلزم منه إرادة معنى الحقيقة والمجاز بإطلاق واحد، ولا يجوز ذلك عندهم) انتهى.
قلت: وهو ممنوع، ولقد أكثروا من حمل الأحكام على المجاز، وتركوا الحقيقة، فإن قوله:
(^١) في الأصل: (بها)، وليس بصحيح.
(^٢) في الأصل: (تدعى).
(^٣) في الأصل: (معان).
(إذا وجدت...) إلخ؛ انظر ما معناه؟ وهل هذا الوجوب شرعي أو اصطلاحي؟ فإن كان الأول؛ فغير مسلم؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في المنع مطلقًا، وإن كان الثاني؛ فغير مسلَّم أيضًا؛ لأنَّه ليس من الأدلة الشرعية، وكيف يصار إلى المجاز مع وجود الحقيقة، على أن العبور المذكور هو مرور المسافر، كما فسره ابني عمر وعباس ﵄.
وقوله: (ثم الحمل...) إلخ هذا ممنوع ولا يلزم ما ذكره؛ لأنَّ المراد بعموم المجاز أن تجعل الحقيقة فردًا من أفراد ذلك المجاز وهذا منه، فليس فيه أنه يلزم إرادة معنى الحقيقة والمجاز بإطلاق واحد؛ لأنا لم نرد كل واحد منهما، بل نريد المجموع وإدراج فرد الحقيقة تحت أفراد المجاز، فلا يقال: إنه مجاز، ولا إنه حقيقة، بل هو من باب عموم المجاز، كما هو مقرر في الأصول، وقد أشار إليه في «عمدة القاري» فلا عجب عليه؛ فافهم.
وفي الحديث: طهارة الماء المستعمل؛ لأنَّه خرج ورأسه يقطر، وفي رواية أخرى: (ينطف)، وهي معناها. وفيه: جواز النسيان على الأنبياء ﵈ في العبادات، وفي الحديث: حجة لما قاله الإمام أبو يوسف، والإمام محمَّد، ومالك: إن تكبير المأموم يقع بعد تكبير الإمام وهو قول عامة الفقهاء.
وقال ابن بطال: (إنَّه قول الإمام الأعظم)، ورده صاحب «عمدة القاري»، فقال: (هو غير صحيح؛ لأنَّ مذهب الإمام الأعظم أن المأموم يكبر مع الإمام مقارنًا، والخلاف قيل في: الوجوب، وقيل: في الأفضلية) انتهى.
قلت: والصحيح أنَّ الخلاف في الأفضلية؛ لما في «إمداد الفتاح» وغيره، ولا خلاف في الجواز على الصحيح، بل في الأولوية، انتهى.
وأشار شيخ الإسلام إلى أن المقارنة في التكبير أفضل اتفاقًا، وقال بعضهم: المختار للفتوى في التحريمة أفضلية التعقيب وتمامه في الحواشي، وأجاز الشافعي تكبير المأموم قبل إمامه؛ أي: فيما إذ أحرم منفردًا، ثم نوى الاقتداء في أثناء الصَّلاة؛ لأنَّه روى حديث أبي هريرة على ما رواه مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عطاء بن أبي يسار: (أنه ﵇ كبر في صلاة من الصلوات، ثم أشار إليهم بيده: أن امكثوا، فلما قدم؛ كبر)، ورُدَّ بأنَّ الشافعي لا يقول بالمرسل، ومالك الذي رواه لم يعمل به؛ لأنَّه قد صح عنده أنه لم يكبر، وذكر ابن حبيب عن مالك: أنه لما رأى هذا الحديث مخالفًا لأصل الصَّلاة؛ قال: إنه خاص بالنبيِّ ﵇، ولعله أمرهم بنقض إحرامهم الأول، وابتداء الإحرام بعد إحرامه الثاني، وهكذا فسره مطرف، وابن الماجشون، وغيرهما، وهو قول مالك.
وقوله: (وقد سمى المسجد باسم الصَّلاة...) إلخ ممنوع، فإن صدر الآية: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا﴾ [الحج: ٤٠]، فالصوامع: صوامع الرهبان، والبِيَع: بِيَعُ النصارى، والصلوات: كنائس اليهود، وسميت بها؛ لأنَّ أصلها صلوتٌ (^١) بالعبرانية، فعرِّبت، فذكرها تعالى بصيغة العبرانية؛ إلزامًا لهم، والمساجد: مساجد المسلمين.
وقوله: (يذكر...) إلخ صفة لـ ﴿مَسَاجِدُ﴾ خصت بها تفضيلًا على غيرها، فالمراد بالصلوات: الكنائس بدليل عطف المساجد عليها، والعطف يقتضي المغايرة، ولأنَّ ذلك لغة العبرانية، فذكرت على لغتهم، فالاستدلال غير صحيح، كما لا يخفى؛ فافهم.
وفي «عمدة القاري»: (قال الشافعي: للجنب العبور في المسجد من غير لبث، كانت له حاجة أم لا)، وروي مثله عن الحسن وابن المسيب وأحمد، وعن الشافعي: له المكث فيه مطلقًا، واعتبروه بالمشرك، وتعلقوا بما روي عنه ﵇: «المؤمن لا ينجس»، وروى سَعِيْد بن منصور في «سننه» عن عطاء: (رأيت رجالًا من الصحابة يجلسون في المسجد وعليهم الجنابة إذا توضؤوا للصلاة)، وحديث وفد ثقيف وإنزالهم في المسجد وأهل الصفة وغيرهم كانوا يبيتون في المسجد، وكان أحمد ابن حنبل يقول: (يجلس الجنب فيه ويمر فيه إذا توضأ) انتهى.
قلت: والأحاديث السابقة صريحة في المنع مطلقًا، سواء كان للعبور أو غيره، وسواء كان متوضئًا أو لا، فهي صريحة في العموم، واعتبارهم له بالمشرك غير صحيح؛ لأنَّه عندهم نجس حقيقي، فكيف يقَيْسونه (^٢) عليه وما هو إلا قياس مع الفارق؟
وقوله: (تعلقوا...) إلخ هذا لا يساعد مدَّعاهم؛ لأنَّ معناه: لا ينجس حقيقة بدليل أنه لو حمله إنسان وصلى معه؛ تصح صلاته، بل هو نجس معنًى؛ بحيث لا يجوز له دخول المسجد، ولا الصَّلاة، ولا قراءة القرآن.
وقوله: (وروى سَعِيْد...) إلخ هذا لا يصلح دليلًا لهم؛ لأنَّه موقوف على عطاء، وهو ليس بحجة عندهم على أنه يحتاج لإثبات كونهم عليهم جنابة؛ لاحتمال أنهم غير جنبين، و(حديث وفد ثقيف...) إلخ لا يدل لمدَّعاهم؛ لاحتمال أنهم لم تصبهم جنابة أصلًا وهو ممكن، ويحتمل أن هذا كله قبل ورود النهي، فهو منسوخ بالأحاديث الصريحة في النهي مطلقًا، كما قدمنا من أنه ﵇ لم يأذن لأحد جنب وحائض أن يدخل المسجد مطلقًا، على أنَّه يكره النوم للمقيم الطاهر في المسجد، فغير الطاهر بالأولى أنه يمنع من دخوله، كما لا يخفى؛ فافهم، والله أعلم.
واختلف العلماء متى يقوم الناس إلى الصَّلاة؟ ومتى يكبر الإمام؟ فذهب الإمام الأعظم والكوفيون: إلى أنَّ السنة أنهم يقومون في الصف إذا قال المؤذن: حي على الصَّلاة، فإذا قال: قد قامت الصَّلاة؛ كبر الإمام وهو قول سويد بن عقلة، وحمَّاد، وقَيْس بن أبي سَلَمَة، وقال الإمام زفر: (إذا قال المؤذن: قد قامت الصَّلاة؛ قاموا، وإذا قالها ثانيًا؛ افتتحوا)، وكان أنس بن مالك يفعل ذلك، وقال مالك: (يشرع الإمام في الصَّلاة بعد فراغ المؤذن من الإقامة، وبداية استواء الصف)، وعندنا: يشرع الإمام عند التلفظ بقوله: قد قامت الصَّلاة، وذهب الشافعي: أنه لا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الإقامة، وبه قال أحمد، وتمامه في «عمدة القاري»، والله أعلم.
(تابعه) أي: تابع عثمان بن عمر المتقدم (عبد الأعلى)؛ هو ابن عبد الأعلى السامي-بالسين المهملة، والميم-البصري، (عن مَعمَر)؛ بفتح الميم؛ هو ابن راشد، (عن الزُّهري)؛ هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب، وهذه متابعة ناقصة، وهو تعليق من المؤلف، وهو موصول عند أحمد، عن عبد الأعلى، ووقع عند مسلم أن عثمان أيضًا تابعه عبد الله بن وهب متابعة تامة؛ فافهم.
(ورواه) أي: روى هذا الحديث عبد الرحمن (الأوزاعي، عن) محمَّد بن مسلم ابن شهاب (الزُّهري) وروايته موصولة عند المؤلف في أوائل أبواب (الإمامة) كما سيأتي، فهو تعليق أيضًا، وزعم ابن حجر فقال: (ظن بعضهم أن السبب في التفرقة بين قوله: (تابعه) وبين قوله: (ورواه) كون المتابعة وقعت بلفظه، والرواية بمعناه، وليس كما ظن، بل هو من التفنن في العبارة) انتهى.
واعترضه صاحب «عمدة القاري» فقال: قلت: أراد بقوله: (ظن بعضهم): الكرماني، فإنه قال في «شرحه»: فإن قلت: لم قال أولًا: (تابعه)، وثانيًا: (رواه)؟ قلت: لم يقل: وتابعه الأزواعي، إمَّا لأنَّه لم ينقل لفظ الحديث بعينه،
(^١) في الأصل: (صلوتًا)، ولعل المثبت هو الصواب.
(^٢) في الأصل: (يقيسوه)، وليس بصحيح.
1 / 146