وروى أبو تمام: سيتركها قوم.
فإن يكُ ظنِّي صادقي وهو صادقي ... بكمْ وبأحْلامٍ لكم صفرات
وقال أبو تمام: وهو صادق بكم وبأحلام لكم صفرات.
تعد منكم جزرَ الجزورِ رِماحنا ... وتُمسِكُ بالأكبادِ منكسرات
وقال أو تمام: تعد فيكم جزر الجزور رماحنا ويمسكن.
أخبرنا ابن دريد، قال: حدثني عبد الرحمن يعني ابن أخي الأصمعي، عن عمه، عن يونس قال: انصرفت من الحج فمررت بماويه وكان لي فيها صديق من عامر بن صعصعة، قصدت إليه مسلمًا، فأنزلني. فبينا أنا وهو قاعدين بفنائه، فإذا نساء مستبشرات وهن يقلن: تكلم. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: فتى منا كان يعشق بنت عم له، فزوجت وحلمت إلى الناحية بالحجاز فأنه لعلى فراشه منذ حول، ما تكلم ولا أكل إلا أن يؤتى بما يأكله ويشربه فقلت: أحب أن أراه، فقام وقمت معه، فمشينا غير بعيد، فإذا بقى مضطجع بفناء بيت من تلك البيوت، لم يبق منه إلا خياله. فأكب الشيخ عليه يسأله وأمه واقفه، فقالت: يا مالك هذا عمك أبو فلان يعودك. ففتح عينيه ثم أنشأ يقول:
ليبكني اليومَ أهل الود والشفقِ ... لم يبق من مهجتي إلا شفا رمقي
اليوم آخر عهدي بالحياة فقد ... أطلقت من ربقة الأحزان والقلق
ثم تنفس صعداء، فإذا هو ميت. فقام الشيخ وقمت معه فصرت إلى خبائة، فإذا جارية بضة تبكي وتفجع، فقال لها الشيخ: ما يبكيك أنت؟ فأنشأت تقول:
ألا أبكي لميتٍ شفَّ مهجته ... طول السقام وأضنى جسمه الكمد
1 / 84