ولكن إذ كنا مدركين لما رأينا وسمعنا، وجب بالاضطرار أن يكون إدراك البصر لما رأى: إما بنفسه، وإما بشىء غيره . أو يكون مدركا نفسه، ومدركا للون الموضوع. من أجل ذلك إما كان شيئان يدركان شيئا واحدا، وإما كان البصر مدركا نفسه. وإن كان للبصر حس هو غيره فذاك ما ذهب على القسمة إلى ما لا غاية له، أو رجع فكان مدركا نفسه؛ ويلزم هذا القول الحس الأول. — وفى هذا أيضا مسألة: لأنه إن كان الادراك بالبصر هو النظر إلى الشىء، والمنظور اليه لون أو كان له لون، فالانسان إذا نظر إلى المنظور فأول ما ينظر إلى لون، فاللون أول منظور اليه. وبهذا يستبين أن الادراك بالبصر ليس هو شيئا واحدا: لأنا قد نرى وإذا لم نر، فنحن قاضون على الضوء والظلمة، لا على نحو واحد. وأيضا إنما حال الناظر حال بقدر تلونه، لأن الحس يقبل المحسوس بغير هيولى؛ لذلك تثبت فى الحواس صور المحسوس وآثارها بعد مفارقتها إياه.
Shafi 65