وإذا قلنا تأليفا فانما نقصد شيئين بالحقيقة: أحدهما الجسم الذى له حركة وضرب من ضروب الانتصاب، والآخر نريد به تركيب الأجسام التى إذا ألفت لم يمكنها أن تقبل بينها شيئا من جنسها؛ ومعنى ذوى الخلط من الأشياء داخل فى هذا. وليس فى هذين شىء يليق بمعنى النفس. وقد يمكننا الفحص إمكانا كثيرا عن تركيب أجزاء الجسم، لأن تراكيبها كثيرة فى عددها، كثيرة فى وجوهها: فأى تركيب ينبغى أن يظن بالعقل؟ وكيف ذلك، إلا أن نقول إن تركيبه من القوة الحاسة والقوة المشتهية؟ — وكذلك قد يغبى على الناظرين كيف يكون معنى 〈أن〉 الخلط نفس، فان معنى خلط العناصر فى جزء اللحم وفى جزء العظم واحد؛ تم يعرض من ذلك أن يكون فى كلية الجرم أنفس كثيرة، إذ جميع الأعضاء من خلط العناصر، ومعنى خلطها تأليف ونفس.
وقد يمكن [من] أن نؤاخذ أنبادقلس بقوله إن كل واحد من الأعضاء له معنى من معانى الخلط، فنقول له: معنى التأليف هو النفس، أو النفس شىء آخر حال فى الأعضاء؟ ويسأل أيضا أنبدقلس فيقال له: المودة التى قلت بها أهى علة الخلط كيفما كان الخلط، أو إنما هى علة للمحمود منه المقدر؟ وهذه العلة هى بمعنى الخلط أوهى شىء غير ذلك المعنى؟
هذه المعاضلات والمسائل تلزم من قال بهذا القول. وإن كانت النفس شيئا غير معنى الخلط، فلم، مع فساد صورة اللحم، وتفسد صورة سائر أعضاء الحيوان؟ ومع هذا إن لم تكن نفس لكل واحد من الأعضاء، وليس لمعنى الخلط نفس، فما الذى يفسد عند مفارقة النفس؟
Shafi 19