44 -
قال محمد: حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي إملاء في شهر رجب من سنة سبع وتسعين ومئتين، حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، حدثني أبي، عن جدي، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: " دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده فجلست إليه فقلت: يا رسول الله إنك
أمرتني بالصلاة، فما الصلاة؟ قال: «خير موضوع، فاستكثر أو استقل» قال: قلت: يا رسول الله فأي
الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان بالله وجهاد في سبيله» قلت: يا رسول الله فأي المؤمنين أفضل؟ قال: «أحسنهم خلقا» قلت: يا رسول الله فأي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم
[ص: 196]
الناس من لسانه ويده» قلت: يا رسول الله فأي الهجرة أفضل؟ قال: «من هجر السيئات» قلت: يا رسول الله فأي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» قلت: يا رسول الله فأي صيام أفضل؟ قال: «فرض مجزئ، وعند الله أضعاف كثيرة» قلت: يا رسول الله فأي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده، وأهريق دمه " قلت: يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟ قال: «أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها» قلت: يا رسول الله فأي الصدقة أفضل؟ قال: «جهد من مقل وسر إلى فقير» قلت: يا رسول الله فأيما آية أنزل الله عليك أعظم؟ قال: «آية الكرسي» ثم قال: «يا أبا ذر، ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة» قال: قلت: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا» قال قلت: يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟ قال: «ثلاث مئة وثلاثة عشر جم غفير» قلت: كثير طيب، قلت: من كان أولهم؟ قال: «آدم عليه السلام» قلت: يا رسول الله أنبي مرسل؟ قال: «نعم، خلقه الله تعالى بيده ونفخ فيه من روحه، وسواه قبلا» ثم قال: " يا أبا ذر أربعة سريانيون: آدم، وشيث، وخنوخ وهو إدريس، وهو أول من خط بقلم، ونوح، وأربعة من العرب: هود، وشعيب، وصالح، ونبيك يا أبا ذر، وأول أنبياء بني
[ص: 197]
إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى، وأول الرسل آدم وآخرهم محمد صلوات الله عليهم أجمعين " قال قلت: يا رسول الله كم كتابا أنزل الله عز وجل؟ قال: «مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل الله عز وجل على شيث خمسين صحيفة، وعلى خنوخ ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشر صحائف، وأنزلت على موسى من قبل التوراة عشر صحائف، وأنزلت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان» قال: قلت: يا رسول الله ما كانت صحف إبراهيم عليه السلام؟ قال: " كانت أمثالا كلها: أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وكان فيها أمثال: وعلى العاقل أن يكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عز وجل، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث: تزودا لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في
[ص: 198]
غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه " قال: قلت: يا رسول الله فما كانت صحف موسى عليه السلام؟ قال: " كانت عبرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل " ثم قال: قلت: يا رسول الله فهل بأيدينا شيء مما كان في يدي إبراهيم وموسى عليهما السلام مما أنزل الله عز وجل عليك؟ قال: " نعم، اقرأ يا أبا ذر: {قد أفلح من تزكى، وذكر اسم ربه فصلى، بل تؤثرون الحياة الدنيا} [الأعلى: 15] إلى آخر هذه السورة، يعني أن ذكر هذه الآيات لفي الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى قال: قلت: يا رسول الله أوصني قال: «أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس أمرك» قال: قلت: يا رسول الله زدني قال: «عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله عز وجل، فإنه ذكر لك
[ص: 199]
في السماء، ونور لك في الأرض» قال: قلت: يا رسول الله زدني قال: «إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه» قال: قلت: يا رسول الله زدني قال: «عليك بالجهاد، فإنه رهبانية أمتي» قلت: يا رسول الله زد قال: «عليك بالصمت إلا من خير، فإنه مطردة للشيطان، وعون لك على أمر دينك» قال: قلت: يا رسول الله زدني قال: انظر إلى من هو تحتك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فإنه أجدر لك أن لا تزدري نعمة الله عليك " قلت: زدني قال: «أحبب المساكين وجالسهم، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك» قال: قلت: يا رسول الله زدني قال: «صل قرابتك وإن قطعوك» قال: قلت: يا رسول الله زدني قال: «قل الحق وإن كان مرا» قال: قلت: يا رسول الله زدني قال: «لا تخف في الله لومة لائم» قلت: يا رسول الله زدني قال: «يردك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تجد فيما تحب، وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك
[ص: 200]
أو تجد عليهم فيما تحب» ثم ضرب بيده على صدري وقال: «يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا حسب كخلق الحسن»
[ص: 203]
قال محمد بن الحسين: فهذه أربعون حديثا فيها علم كثير في أصناف شتى، وتبعث العقلاء على طلب الزيادة لعلوم لابد منها مما لا يسعهم جهله ولا يعذره العلماء بجهلها، وكلما علموها وعملوا بها زادهم الله الكريم بها شرفا في الدنيا والآخرة، والله الموفق لذلك والمعين عليه ونسأل الله العظيم لنا ولكم علما نافعا، وعقلا مؤيدا، وأدبا صالحا
Shafi da ba'a sani ba