Arba'in Hadisai

Khomeini d. 1409 AH
160

Arba'in Hadisai

الاربعون حديثا

Nau'ikan

الله وكان له حافظ قدسي . ولما كان هذا الاستثناء من النوادر فانه لا يدخل في حسابنا ، لاننا نتناول نوع الانسان عموما .

لقد ثبت في محله بالبراهين ان الانسان منذ اول ظهوره ، وبعد مروره بمراحل عدة ، لا يعدو ان يكون حيوانا ضعيفا لا يمتاز عن سائر الحيوانات الا بقابلياته الانسانية . وان تلك القابليات ليست بمقياس انسانيته الفعلية .

فالانسان حيوان بالفعل عند دخوله هذا العالم ، ولا معيار له سوى شريعة الحيوانات التي تديرها الشهوة والغضب . ولكن لما كان اعجوبة الدهر هذا الانسان له ذات جامعة ، او قابلة على الجمع ، فانه لكي يدبر هاتين القوتين ، تجده يتوسل باستعمال الصفات الشيطانية ، مثل الكذب والخديعة والنفاق والنميمة وسائر الصفات الشيطانية الاخرى . وهو بهذه القوى الثلاث الشهوة ، الغضب ، هوى النفس التي هي اصل كل المفساد المهلكة ، يخطو نحو التقدم ، فتنمو فيه كذلك هذه القوى وتتقدم وتتعاظم . واذا لم تقع تحت تاثير مرب او معلم ، فانه يصبح عند الرشد والبلوغ حيوانا عجيبا يفوز بقصب السبق في تلك الامور المذكورة على سائر الحيوانات والشياطين ، ويكون اقوى واكمل في مقام الحيوانية والصفات الشيطانية من الجميع . واذا ما استمرت حاله على هذا المنوال ، ولم يتبع في هذه الشؤون الثلاثة سوى اهوائه النفسية ، فلن يبرز فيه شيء من المعارف الالهية والاخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة ، بل تنطفئ فيه جميع الانوار الفطرية .

فتقع جميع مراتب الحق التي لا تعدو هذه المقامات الثلاثة التي ذكرناها اي المعارف الالهية ، والاخلاق الفاضلة ، والاعمال الصالحة تحت اقدام الاهواء النفسية . وعندئذ يصبح اتباع الاهواء النفسية والرغبات الحيوانية حائلا دون ان يتجلى فيه الحق من خلال اية واحدة من تلك المراتب ، ويطفئ ظلام النفس واهواؤها كل انوار العقل والايمان ، ولن تتاح له ولادة ثانية ، اي الولادة الانسانية ، بل يمكث على تلك الحال ويكون ممنوعا مصدودا عن الحق والحقيقة الى ان يرحل عن هذا العالم . ان مثل هذا الشخص اذا رحل عن هذا العالم بتلك الحالة ، فلن يرى نفسه في ذلك العالم ، عالم كشف السرائر ، الا حيوانا او شيطانا . لا تشم منه رائحة الانسان والانسانية ابدا ، فيبقى في تلك الحال من الظلام والعذاب والخوف الذي لا ينتهي حتى يقضي الله امرا كان مفعولا . اذن هذه هي حال التبعية الكاملة لاهواء النفس والتي تبعد الانسان نهائيا عن الحق .

ومن هنا يمكن ان نعرف ان ميزان البعد عن الحق هو اتباع هوى النفس . ومسافة هذا البعد تقدر ايضا بمقدار التبعية . فمثلا ، لو ان هذا الانسان ، استطاع ان يجعل مملكة انسانية هذا الانسان الذي اقترن منذ ولادته بالقوى الثلاثة وترعرعت وتكاملت تلك القوى ايضا مع نمو الاربعون حديثا :165

Shafi 164