Arbacin Mughniyya
كتاب الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين
Nau'ikan
632- فالديني: ما فيه من مخالفة أهل الكتاب، حيث يحرمون الأكل في السحر وبعد ما ينام الرجل، ويؤخرون الفطر إلى اشتباك النجوم، وإليه الإشارة في الحديث المتقدم؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان يحب مخالفتهم.
633- وأما الدنيوي: فما فيه من التقوي على العبادة والتنشيط لها، وأن لا يضعف بسبب الصوم فيكسل عن بعض العبادات البدنية أو عن الاكتساب لنفسه، ونحو ذلك، ولهذا شرع تأخيره ليبقى أثره في مجموع النهار، وإلى هذا الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((تسحروا فإن في السحر بركة))، وفي ((سنن النسائي)) عن المقدام بن معدي كرب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عليكم بالسحور فإنه الغداء المبارك)).
634- فاستعمال السحور مما خص الله به هذه الأمة، وخفف به عنهم رحمة لهم، إلا أن هنا شيئا أشار إليه بعض الأئمة؛ وهو أنه قد علم أن المقصود من شرعية الصوم كسر النفس بالجوع لتفعل الخيرات وتنيب إلى الله تعالى بالمسارعة إلى الطاعات، لما في الإكثار من الأكل والشرب من الامتلاء المقتضي لخثارة النفس وكسلها وتسلطها، وفي الصوم قمع لشهواتها، فمن لم تتغير عليه عادة الأكل لا يحصل منه المقصود من الصوم وهو كسر شهوتي البطن والفرج.
635- فإذا علم هذا فما زاد في مقدار السحور بحيث تعدم هذه الحكمة لا ينبغي أن يكون مترفا كعادة المترفين في النأنق في المأكل وكثرة الاستعداد للسحور، وما لا ينتهي إلى ذلك فهو مستحب، ولكن تختلف مراتبه بمراتب الناس وأحوالهم ومقاصدهم ومقدار ما يحتملون.
Shafi 476