Arab Thought in the Renaissance Era
الفكر العربي في عصر النهضة
Mai Buga Littafi
دار النهار للنشر بيروت
Nau'ikan
الله. فوظيفة الحاكم هي أن يفرض على الجميع شرائع عادلة مستمدة من أوامر الله ومستهدفة خير الجماعة الروحي والمادي. وعلى هذا، كان حكم محمد والخلفاء الأوائل الذي أقامه الله حكمًا عادلًا. لكن الخلافة قد تجزأت إلى «ممالك»، فأصبح الملوك كالخلفاء، لهم الحق في أن يطاعوا، لكن عليهم أن يطيعوا الله وأن يقيموا حكمًا عادلًا. وينتج عن هذا لزامًا أن كل الحكام الذين نهجوا هذا النهج كانوا حكامًا شرعيين، وأنه يمكن أن يكون هناك أكثر من حاكم واحد، لا بل أكثر من إمام واحد، دون أن يؤدي ذلك إلى هلاك الأمة. فوحدة الأمة إنما هي وحدة العقول والقلوب لا وحدة الأشكال السياسية. والمسلمون إنما يشتركون في العقيدة واللغة والشريعة والهدف، فيجب تقدير جميع هذه العناصر المشتركة وتعزيزها. وعلى المسلمين أن يعيشوا معًا بروح التساهل المتبادل، لكن إزاء الفوارق في المذاهب لا إزاء الفوارق في قواعد الإيمان الأساسية. لقد أفتى ابن تيمية بعدة فتاوى في شرعية الحرب ضد أصحاب البدع أمثال الدروز والنصيرية. وكان له شبهات في النصارى واليهود الذين رأى فيهم خطرًا فكريًا وسياسيًا على حد سواء. وزعم أن على المسلمين أن يوحدوا لغتهم. بقدر الإمكان، باستعمال اللغة العربية، وذلك، لا في شؤون العقائد والعبادات فحسب، بل في جميع أغراض الحياة اليومية أيضًا، وأن يخصوا الأمة بمجموعها بولائهم الاجتماعي الأخير، دون اعتبار الملة أو الدولة، وأن يحاولوا قبل كل شيء أن يرتفعوا بتقواهم من صعيد الخضوع الخارجي للشريعة إلى محبتها وخدمة الله دون سواه. لكن ذلك يقتضي النصح المتبادل والتعاون فيما بين المؤمنين، وبين الحكام والمحكومين، وفيما بين مختلف الطبقات والفئات في الأمة. وعلى الحاكم أن يستشير الجماعة، من العلماء وقادة الرأي، أولئك المؤهلين لإبداء رأي ذي قيمة في القضايا المطروحة أمامهم.
1 / 33