وفي حديث آخر في كتاب مسلم: فرمت إحداهما الآخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، وفي حديث آخر: ضربتها بعمود فسطاطا وهي حبلى، وكانت ضرّتها فقتلتها فجعل النبيّ ﷺ دية المقتولة على عصبة القاتلة وغرة لما في بطنها. وفي كتاب النسائي: ضربت إحداهما الآخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، فقضى رسول الله ﷺ في جنينها بغرة وأن تقتل بها. وكذلك ذكر غير النسائي أن النبيّ ﷺ قتلها مكانها. وقيمة الغرة التي قضى بها رسول الله ﷺ خمسون دينارا أو ستمائة درهم قاله قتادة وغيره، وبه قال مالك بن أنس، وفي مصنف عبد الرزاق عن عكرمة: أن اسم الهذلي الذي قتلت إحدى امرأتيه الآخرى: حمل بن مالك بن النابغة. واسم القاتلة: أم عفيف ابنة مسروح من بني سعد بن هذيل، والمقتولة: مليكة بنت عويمر من بني لحيان بن هذيل «١» .
وفي البخاري ما يدل أن النبيّ ﷺ لم يقتل الضاربة، وذلك أنه قال: حدثنا عبد الله بن يوسف عن الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ: قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو وليدة ثم إن المرأة التي عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله ﷺ أن ميراثها لبنيها وزوجها وأن العقل على عصبتها «٢» .
«حكم رسول الله ﷺ في القسامة فيمن لم يعرف قاتله»
من موطأ مالك بن أنس عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة: أنه أخبره رجال من كبراء قومه: أن عبد الله بن سهل، ومحيّصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما، فأتي محيصة، فأخبر أن عبد الله بن سهل قتل وطرح في فقير بئر بئر أو عين، فأتى يهود، فقال: أنتم والله قتلتموه، فقالوا: والله ما قتلناه، فأقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة، وهو أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل: أخوه المقتول، فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر فقال رسول الله ﷺ لمحيصة: «كبّر كبّر»، يريد السن، فتكلم حويصة ثم تكلّم محيصة فقال رسول الله ﷺ: «إما أن يدوا «٣» صاحبكم أو يأذنوا بحرب من الله»، فكتب إليهم رسول الله ﷺ في ذلك، فكتبوا: إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله ﷺ لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟» كذا روى يحيى بن يحيى «٤» .
وفي حديث ابن أبي ليلى وفي حديث يحيى بن سعيد خاصة: «وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم» . وفي البخاري: «وتستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم» . وفي مصنف أبي داود: «دم
_________
(١) رواه عبد الرزاق في المصنف رقم (١٨٣٥٦) من كلام عكرمة ﵁.
(٢) رواه البخاري (٦٧٤٠) من حديث أبي هريرة ﵁.
(٣) يدوا: أي يعطوا الدية.
(٤) رواه مالك في الموطأ (٢٣٥٢ و٢٣٥٣) في القسامة وإسناده صحيح.
1 / 14