126

Hasken Annabi

أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها

Nau'ikan

وما ورد عن السلف والخلف مما رواه خلائق في كتب الحقائق والرقائق، وصحت به الروايات، وأخبر به الأولياء والعلماء والثقات، فمن ذلك:

ما رواه القشيري عن الشيخ أبي يعقوب السوسي؟ قال: جاءني مريد مكة، فقال: يا أستاذنا، غدا أموت وقت الظهر، فخذ هذا الديا نار فاحفر لي بنصفه، وكفني بالنصف الآخر.

ثم لما كان الغد وقت الظهر جاء، وطاف، ثم تباعد، ومات فغسلته، ووضعته في اللحد، ففتح عينيه، فقلت أحياة بعد موت، فقال: أنا حي وكل محب لله حي.

وقال أبو سعيد الخراز: دخلت المسجد الحرام، فرأيت فقيرا عليه خرقتان يسأل شيئا فقلت في نفسي: مثل هذا كل على الناس، فنظر إلي وقال: واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، قال: فاستغفرت الله تعالى في نفسي، فناداني وهو الذي يقبل التوبة عن عباده.

وقال خير النساج: كنت جالسا في بيتي فوقع لي أن الجنيد بالباب فنفيت عن قلبي، فوقع ثانيا وثالثا، فخرجت فإذا أنا بالجنيد، فقال: لم لم تخرج مع الخاطر الأول؟.

وقال أبو العباس بن مسروق: دخلت على شيخ من أصحابنا أعوده فوجدته على حالة رثة، فقلت في نفسي: من أين يرتفق هذا؟ فقال: يا أبا العباس دع عنك هذه الخواطر الدنية؛ فإن لله ألطافا خفية.

وعن الشيخ أبي عبد الله القرشي قال: هجم أهل الشرك ببلاد الأندلس على قرية من قراها فدخلوها في غرة، فشق على أهلها، وأخذوا في طريقهم أسارى عديدة فانزعج أهل الأندلس لذلك، وبلغ الخبر أن الأسارى يرمى لهم الحشيش مع الخيل وهم مكتوفون فيأكلون بأفواههم كما ترعى البهائم.

قال: فبت في بعض تلك الليالي عند الشيخ أبي إسحاق بن ظريف، فوضع الطعام بيننا ثم تنفس بعد أن قال: بسم الله، ثم قال: يا محمد، أما بلغك ما طرأ على المسلمين. فقلت:

نعم. فجعل يقص الخبر، ويبكي حتى علا بكاؤه، ثم قال: والله لا أكلت طعاما ولا شربت

Shafi 193