لاوجهن شمرا لحتفهم ... ان ابن حمير غير ذي نكس
حتى يتقرعن خبيتهم ... ويذيقهم ما ذاق ذو الرمس
فلما رجع إلى اليمن اقام بها دهرا، فهابته الملوك، وراسلت اليه بالهدايا، من قبل الهند من كتان وحرير وفيها الخشكار وغيره من متاع الصين الفاخر ن فتطلعت نفسه إلى غزوها، فسار نحوها حتى انتهى إلى الركايا واصحاب القلانس السود فلما رجع خلف بأرض التبت اثني عشر الف رجل من خيار حمير فهم التبتيون اشتق اسمهم من تُبَع إذا سئلوا اخبروا ان اصلهم التبتيون من العرب، ولتبع في ذلك شعر اوله.
انا تبع الاملاك من نسل حمير ... ملكت عباد الله في الزمن الخالي
ملك مائة وثلاثا وستين سنة
مُلْكُ كليكرب بن تبع الأكبر ذي الشأن
قال عبيد بن شريه: ثم ملك ابنه كليكرب بن اتبع الأكبر ذي الشأن بن عَمِّيكَرِب بن شَمَر يَرْعَش بن افريقيش بن ابرهة ذي المنار بن الحارث الرايُش كليكرب: قال عبيد كان رجلا ضعيفا، لم يغز حتى مات، ولم يبعث جيشا فأما اهل اليمن فيزعمون انه كان يتحرج من الدماء، ووافق صنيعه حِمْيُر للراحة والدعّة، ولم يزل متحيزا باليمن حتى هلك وملك خمسا وثلاثين سنة.
ملك ابن الاسعد ابي كرب وهو الاوسط
ثم ملك ابنه الاسعد ابو كرب - وهو الاوسط - بن كليكرب بن تبع الاكبر ذي الشأن بن عَمِّيكَرِب بن شَمَر يَرْعَش بن افريقيش بن ابرهة ذي المنار بن الحارث الرايُش.
وقال بعض: هو ابو كرب اسعد بن كليكرب ابن تبع بن حسان الأقرن. وابو كرب هذا هو تبع الثالث ويقال هو الاوسط وهو الكامل، اجتمع فيه ما افترق من الملوك، لانه بلغ في مغازيه جميع ما بلغه آباؤه من شرق وغرب، وزاد عليهم في بلوغ الشمال والجنوب، ثم سار إلى الظُلُمات، ودخل بلاد فارس وتفسير كليكرب بلغة حمير كُلِّى وَجْهُ وكرب فلاح، فكأنه وجه فلاح. وكان تبع هذا شاعرا منجما، يسير بسعد النجوم. ويقول الاشعار فيكثر، ومكث زمانا لا يغزو حتى سمته حمير مونثان، وهو القاعد في لغتها، وارجفت به معد، فقال شعرا
اتاني ان قومي وبنوني ... بأني لا ازال على وثاب
واني قد رضيت من المعالي ... بطيب من طعام أو شراب
فأغضبني الذي بُلِّغْتُ عنهم ... واغضبت المقاول من عتاب
ولكني امَرت بأن يسيروا ... على الجُرد المسومة العراب
وضرب على اهل اليمن البعثَ، فخرج في جمع كثير لا يحصى، وآلى الا يرجع إلى بلاده حتى يقاتل مع الجيش الذي معه ابناؤهم، فكلما مر بحرس قال: احرب هاهنا - قوما ليكونوا بها، فسميت حرس بذلك وخرج يريد بلاد معد. فلم يلبي بين يديه احد منهم، ومن ثبت اوقع به واباده قتلا واسرا، وهو يطأ البلاد منعة، وذلك قوله شعرا:
ايها الناس ان همي ورأيي ... ومن الرأي ان احف بلاد
بالعوالي وبالعناجيج تمشي ... بالبطاريق مشية العيد
اسقني ثم اسق حمير قومي ... كأس خَمر انني لابن عاد
والبهاليل مذحج اذ نعادي ... بهم الخيل في عراض البلاد
في شعر طويل، ومضى حتى اتى الطائف فحاصرها، وبث سراياه في قبائل هوازن بن جشم وثقيف، فمن ادرك قُتِل ومزهوَبَ طُلِب، ونال من كعب وكلاب مثل ذلك. ثم سار إلى اليمامة فقتل وسبى. وفي ذلك يقول تُبَع:
جلبنا الكتائب من منكث ... فجنبى أزال إلى الواعرة
فقرت تميم وألافَهْا ... ومن باليمامة من غاضره
وفازت بكعب قدور لنا ... فدارت على جمعها الدايره
وكرت عُذيل إلى ارضها ... وكانت لها كرة خاسره
وجاءت ثقيف بأحلافها ... فلاقت ثقيف بنا الفاقره
وجاءت كنانة تبغي الامان ... نمنى علانية صاغره
تركت الديار بنى كاهل ... يبابا معطلة دامره
وقائع في مضر تسعة ... وفي وائل كانت العاشرة
1 / 79