وقد تقدم ذكرٌ لها. فلما أظهر مَرْثد بن سعد إسلامه تخلَّف عن الوفد لأنهم لم يرئسِوُهُ ورَأسُّوا عليهم قِيْلًا، فدعوا الله لقومهم. وكانوا إذا دعوا أجابهم نداٌ من السماء: أن أسألوا تُعْطَوْنَ ما تَسْألُون. فدعوا الله ربهم لقومهم واستسقوا لهم، فأنشأ الله ثلاث سَحَائِبَ، بيضاء وحمراء وسوداء، ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اخْتَرْ لَنْفْسِك ولقومك من هذه السحائب فاختار السَّوْدَاء. فناداهم مناد: اخترت لنفسك ولقومك رَمَاداَ أرْمَداَ، لا يُبْقي من عادٍ أحدًا، لا ولالدا. فسيَّرها الله إلى قومه الذين اختار لهم. وهم عاد. فأهْلِكُوا بالرِّيحِ العقيم.
ونُودي لقمان: أن سَلْ، فسأل عُمْرَ سبعة أَنْسُرٍ، فأعطى ذلك، وكان يأخذ فرخَ النَّسْرَ من وَكْرِهِ فلا يزال عنده حتى يَمُوت، وكان آخر نُسُورِهِ لُبَد، فَصَيَّرتُهُ العَرَبُ مَثَلًا، فتقول: أكْبَر من لبد، وعمر لبد. وفيه يقول النابغة الذُّبْيَاني:
أضْحَتْ خَلاَءً وأضْحَى أهْلُها ... أخْنى عَلَيْهَا الَذِي أخْنَى عَلَى لُبَدِ
وأعتزل هودٌ ومن معه من المؤمنين في حظيرة فأنجاهم الله من العذاب. وقال المهلهل بن جبيل في ذلك:
لو ان عاد سَمعت مِنْ هُود ... واتَّبَعَت طريقَه الرشيد
وقد دَعُا بالوَعْدِ والوَعِيد ... عادا وبالتقريب والتبعيد
ما أصبحت عاثرة الجدود ... ولَهَى على الأنُوفِ والخدود
ساقطة الأجْسَاد والوصيد ... ماذا جنى الوِفْدُ من الوفود
أُحدوثة للأبد الأبيد
وقد اتينا باختلاف اقوالهم ليكون اوضح للنظم، وأبين للذي أردنا أن شاء الله.
ذكر النَّمَارِدَةَ
قال القطامي: النماردة ستة فالأوَّل نُمْروُد بن كَنْعَان بن سيحاريت بن كُوش بن حَام، وهو أحد الأربعة الذين ملكوا الدُّنَّيا، وهو صاحب إبراهيم ﵇، وهو الذي بنى الصَّرْح بترس وهي قرية في سواد الكُوفَةِ. ليصعد إلى السماء، وكان ارتفاع الصًّرْح في السماء خمسة آلاف ذِرَاع وخمسين ذراعا، وكان عَرْضُه في الأرض ثلاثة آلاف ذراع وخمسة وعشرين ذراعا، وهو صاحب النُّسُور التي طارت بالتَّابُوت.
والثاني نُمروُد بن كُوش بن حام، وأمه فرنين بنت مأرب بن الدرمسيل ابن مُخْوِيل بن أخنوخ. وهو إدريس ﵇.
والثالث نُمْروَد بن ماش بن إرم بن سام بن نوح.
والرابع نُمْرُود بن سيحاريت بن كوش ابن حام بن نوح.
والخامس نَمْرُود بن سَارُوع بن أرعِوَا بن فَالغْ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
والسادس نُمْرُود بن كَنْعَان بن المُضَاض بن يقظان بن عتير بن أرفخشذ بن سام بن نوح. فالثلاثة من ولد سام بن نوح، والثلاثة من ولد حام بن نوح.
وولد أيضا نَبِيط بن مَاش بن لاوذ بن سام بن نوح، وهو أبو النبط، وهو أول من أنبط الأنهار وغرش الأشجار وعمر الأرض، وهم أهل السواد بالعِرَاق، ومنهم بُخْتُ نَصَّر.
ومن ولد أرفخْشَذ الخِضْرُ ﵇، وأسمه إيليا بن ملكان بن نافع بن عابر بن شالخ ابن أرفخشذ - ويقال أرْفَخْشَاذ. بن سام بن نوح، بعثه الله في ولد كُوش بن حام من قِبْل إبراهيم.
رجعنا إلى ذكر أولاد نوح: قال وهب مُنَبْه: وولد حام بن نوح كُوشَ بن حام وقُوط بن حام. فولد كُوشُ بن حام كَنْعَان بن كُوش بن حام، فولد كنعان بن كوش بن حام النوبَة والزَّنْجَ والفُرن والحَبَش والسُّودان كلَّهُم. وولد مِصْرَاي بن حام القبْطَ والبَرْبَر وسار قوط ابن حام منزل الهند والسند فالسند والهند من ولد قوط بن حام.
قال عبد الملك بن حبيب الأندلسي: وكانت دخلت منهم داخلة الأندلسي فملكهم، ولهم عندنا بقية، القُوطيّون.
ونزل يافث بن نوح ما بين المشرق والمغرب، فولد عومر بن يافث، وماري بن يافث وشويل بن يافث، وترش بن يافث، وماشخ بن يافث، ويأجوج بن يافث، وجُرْجَان بن يافث، ومازي بن يافث، وقيراش بن يافث. فولد عومر بن يافث الصقالبة، وولد شويل بن يافث الأشبان، وهم الأفارق. وولد جرجان بن يافث الإفرنج، وولد مازي بن يافث هَمْدان. وولد قيراش بن يافث أهل خُرَاسَان، وولد يأجوج بن يافث مأجوج، وهم بشر كثير.
وكان منازل الصقالبة وجرجان والأشبان وهم الأفارق أرض الروم.
1 / 47