والناس تعجب من توزع خاطري
وهو الموحد فيك غير غبين
أماه! موئل كل لب شاعر
نجواك فهي مفاتني وفنوني
وإذا كنت قد عرفت الآن أن ولع الشاعر بالطبيعة أصيل في نفسه منذ حداثته، فإني أريد أن أزيدك علما بشخصيته، وأنها واضحة قوية في ديوانه الأول، كما هي واضحة قوية في ديوانه الأخير، وأنك تستطيع أن تنقل قصيدة من (أنداء الفجر) إلى (الينبوع) وقصيدة أخرى من (الينبوع) إلى (أنداء الفجر) فلا تكاد تحس أن هناك فارقا، وذلك مما يدل على أن شاعرنا مطبوع وأن شعر صباه يستطيع أن يقف مع شعره الأخير جنبا لجنب، دون تواضع أو استخذاء. ولا أظنك الآن بحاجة إلى أن نحدثك عن خصائص شعر أبي شادي فهي جلية واضحة، وقد سبق أن ألمعنا إليها.
وكنت أحب أن أحدثك أيضا عن وطنيات أبي شادي، وفلسفته، وحبه العام، وإنسانيته، لولا خشية الإطالة، فليكن لذلك بحث آخر، وعسى أن أكون قد وفيت الشاعر بعض حقوقه، فكم له علينا وعلى الأدب والشعر من أياد بيضاء، وبحسبه أن قد بعث الشعر من مرقده، واستثار عناية النقاد بالشعر إلى درجة بعيدة، حتى قامت حوله معارك خطيرة، ودفع الشعراء في طريق التجديد والإنتاج الصحيح، كما قضى على النظم السطحي في المناسبات الطارئة، هذا النظم الرخيص الذي ينسب زورا إلى الشعر.
وما أحوج ناقدي أبي شادي أن يتذكروا دائما بيته المشهور:
كن أنت نفسي واقترن بعواطفي
تجد المعيب لدي غير معيب!
وستريهم الأيام خطر رأيهم فيه وفي شعره، فالأيام وحدها هي الفيصل، وهي لا شك كفيلة بالإنصاف.
Shafi da ba'a sani ba