91

إن الأوروبيين يعبرون عن الرياضة بالخلق الجديد

recreation

كأنهم يقولون إن الترويح عن النفس يخلقها خلقا جديدا، ويعيدها نشأة أخرى كما كانت أو خيرا مما كانت عليه ...

والطفل يريك هذا الكون قشيبا عجيبا كأنك تراه خارجا من يد الله في يوم الخليقة الأول ...

إن الصغير الذي يرفع العصا ليدرك بها القمر يعود بك كما كنت يوم ملأت عينيك من القمر أول مرة، فزعم لك خيالك الطريف أنه على مد الذراع القصيرة، وأنه إذا احتاج منك إلى جهد فغاية هذا الجهد أن تصعد إلى سقف، وترفع العصا إليه، فتنزل به إليك!

إن التليفون لا يدهشك إذا نظرته أو استمعت إليه، ولكنه يملؤك بالدهشة كلما حدثت طفلا من وراء المسافات البعيدة فسمعته يهلل ويصيح على من حوله أن ينظروا إليك مختبئا في جوف السماعة المسحورة ... وأكبر عجبه أن تحتويك تلك السماعة وهي تضيق عن كفيه الصغيرتين.

إن كل محادثة مع الطفل عن هذه المنظورات المملة المطروقة إنما هي احتفال برفع الستار للمرة الأولى عن تلك المنظورات العتيقة ... كأنها أعجوبة لم تقع عليها من قبل عينان.

وهؤلاء الصغار عزاء عن مثله عزاء الحكماء ...

ألا يبكون من مصائبهم التي تضحك الثكلى؟! ألا نعلم من هذا البكاء المضحك أننا سنضحك غدا مما يبكينا في هذه الساعة؟! ألا نعود إلى ما كان يبكينا في طفولتنا، فنعلم أن كثيرا من البكاء هزل، وأن كثيرا من العزاء جد ويقين؟!

ولهم محرجات تخنق في حينها، ولكنها حتى حين «تخنقنا» من الحرج تكاد تخنقنا من الضحك المكتوم.

Shafi da ba'a sani ba