Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Nau'ikan
لا تطلبوا قلبي فما قلبي معي
القلب عند خيامكم خلفته
وكان أبو موسى الهادي قد أوصى بالخلافة من بعد المهدي للرشيد أخيه الأصغر.
وكان هارون الرشيد يشاركه قصر الخلافة، إلا في أوقات غيابه للجهاد حفاظا على ثغور المسلمين، لحين عودته محملا ببهجة النصر الكبير بتأمين الثغور، وفتح القسطنطينية ذاتها، وتنصيب ذات الهمة إمارتها.
فخاف الخليفة المريض إلى حد الاحتضار البطيء سطوة الرشيد، خاصة بعد أن لازمه حلم أو رؤيا؛ حيث رأى المهدي في منامه وكأن الرشيد متربع على قبة الخلافة، وهو واقف في خدمته خارج القبة؛ ومن هنا استبدت به المخاوف فأصبح موسوسا يحسب له كل حساب.
إلى أن وخزه ذات ليلة شيء في قدمه اليسرى، فحك رجله إلى أن صارت مثل البندقة، وصار مولعا بحكها حتى تورمت واتسعت، فسقط ميتا لساعته؛ فأسرع مسرور إلى جاريته المقربة «خيزران» ليخبرها بموت الخليفة المهدي، وأسرعا في طلب الرشيد فبايعاه بالخلافة، ولم تمض ساعات حتى أقبل من يبشره بمولد ابنه المأمون من سريته «مراحيل».
وما إن تعالى النهار حتى شاع في بغداد موت المهدي وخلافة الرشيد، الذي دانت له الدنيا مشرقا ومغربا، وأطاعه جميع العباد من العرب والترك والعجم والديلم، وعرف عصره بالعصر الذهبي للراشدين، حتى قيل: إن بني العباس كالنجوم الساطعة كلما خبا كوكب منهم سطع آخر مكانه.
وهكذا سعى إلى الرشيد جميع الملوك والأمراء وحكام الثغور، فاستقروا في مجده وعزه، وغنت باسمه من ألحان إسحاق الموصلي «خيزران» آخر أغنياتها:
الدهر يومان ذا من وذا قدر
والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
Shafi da ba'a sani ba