Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Nau'ikan
وكانت زيارة أمير أمراء الحرب لمضاربها ومكاشفتها أقرب إلى البلسم الشافي، ذلك أن ذات الهمة طمأنت الأمير بأن الحرب ما هي سوى عطاء وأخذ، وأنهم الآن - أي المسلمين - في مرحلة العطاء الذي أعقب الهدنة الطويلة، تمهيدا للوثوب والحصد.
وأخبرته ذات الهمة بأهمية إعادة صياغة صفوف جند المسلمين، كما أخبرته بأنها بانتظار رسلها وعيونها الذين دفعتهم إلى التسلل إلى القسطنطينية وصفوف الأعداء، وسلب وتهريب ما توصلوا إليه من أسلحتهم التي ستعود يوما إلى نحورهم، بإذن الله.
وحين أخبرها مواربة عن تقولات الأعداء عليها، وتربصهم للحظة سياقتها للسبي مثلها مثل سالفتها «الزباء»، ضحكت ذات الهمة طويلا في مرارة معلمة الأمير أن هذا هو تمني الأهل قبل الأعداء.
وكانت تعني بالأهل طبعا عمها ظالما وابنه الحارث، وحلفاءهما الجدد من كبار الوزراء المقربين لدى الخليفة؛ مثل: عقبة بن مصعب، والفضل بن الربيع، الذين أصبحوا أقرب إلى الجسد الواحد والحليف الواحد.
كما أخبرته أن الأيام والليالي حبالى وستلد، ومن يعش يسمع ويرى.
وتركها أمير الحملة عائدا إلى مضاربه، مهموما لهمومها التي مداها حصد رءوس جند أمير المؤمنين.
فالجبهة مضطربة ينقصها التماسك، والأعداء يأسرون وينكلون بالمسلمين الذين يعلو تحديهم لذات الهمة، وللخليفة ذاته في بغداد.
أما ذات الهمة فكانت على ما هي عليه من أسى يقطر بالمرارة، وهي التي تتصدى للحرب على جبهتين: في الخلف والأمام.
ولم يجد الأمير بدا من معاودة زيارتها وتقصي الأمر معها، حتى إنه استقدم معه ذات مرة ابنها عبد الوهاب ليربى مع أبنائه في مضاربه؛ تشفعا لتفرغها للعدو وأساليبه، وترك أمر عمها ومن في فلكهما له، فهو كفيل بقطع كل لسان يلغو من خلفها، وقال لها مطالبا بالدفاع عن حرمات المسلمين وأبنائهم، ومن ضمنهم طبعا عبد الوهاب وكل أطفال العرب. •••
كان الصبي قد اشتد ساعده، كما انتقلت تربيته وإعداده كفارس إلى مضارب أمير أمراء الحملة، ليتدرب مع ولده عمر على يد أمهر معلمي الفروسية في عصره «داود بن محمد النجار»، مؤلف كتاب الفروسية العربية، الذي شهد له منذ نعومة أظافره بالنبوغ والتفوق.
Shafi da ba'a sani ba