Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Nau'ikan
هنا استدار الحارث إلى صندوقها الصدفي الشاهق الجميل، واندفع إليه فاتحا منحنيا مدخلا رأسه بكامله باحثا عن هداياه وسواراته، لكنه لم يجد شيئا منها سوى ركام من الأسلحة، ما بين السيوف العربية والخناجر.
وحين استدار إليها سائلا: أين؟
قالت عاتبة: هنا.
وحين أعاد المحاولة أعادت بدورها محادثته ومناقشته بأنها لا ترغب في أدوات زينة النساء، بقدر ما هي ترغب في مصادر الحماية والقوة لقبائلهم ومواطنيهم؛ للآلاف المؤلفة من أطفال ونساء وشيوخ القبائل العربية، التي أصبحت مطمعا لكل طامع.
ومنذ تلك الواقعة تحولت هدايا الحارث لابنة عمه من الذهب والجوهر وغالي الثياب إلى السيوف والحراب والنصال، لكن دون جدوى.
مولد بغداد
لم ينقذ ذات الهمة من براثن ذلك الزواج المفروض عليها فرضا من جانب ابن عمها الحارث سوى ما جد من أخبار، وهو الزوج الذي أصبحت بالفعل تكرهه وتمقت ذكره، ولا تطيق تواجده في مكان واحد يجمعهما معا، بعدما حدث في حضرة الخليفة؛ حيث تم تحويل جلسة اللقاء الأولى معه للتبصير بالخطر الداهم، ومحاولة جمع الشمل العربي، وطرح قضية الاستعداد للجهاد، إلى قضية ذاتية شخصية، وهي الضغط عليها من كل المنافذ والجهات، حتى من جانب والدها نفسه مظلوم؛ لحملها على الاستسلام للزواج، الذي لم يتطرق إلى فكرها لحظة واحدة.
لم ينقذ ذات الهمة سوى الأخبار التي داهمت الجميع مرة واحدة كمثل كابوس قوي جاثم في عاصمة الخلافة، وهي خروج الروم البيزنطيين، بعد توحيد صفوفهم وجحافلهم الجرارة في تسعين ألف محارب، تتقدمهم سفنهم ومراكبهم، بعدما تساقطت ثغور المسلمين، الذين أبلى جدودهم في فتحها وتأمينها بتشييد الحصون والمتاريس وكافة الإنشاءات الدفاعية الحربية.
بل زاد من فداحة الأمر سقوط حملات جيوش المسلمين أسرى في قبضة الروم يسومونهم صنوف العذاب ألوانا، بمختلف وسائل الانتقام، عن طريق قتل شيوخهم وأطفالهم وشبابهم المحاربين دون أدنى رحمة أو شفقة.
وقدمت وفود الرسل التي تمكنت من الفرار في جحيم الاجتياح الرومي للثغور إلى عاصمة الخلافة، محملة بالأخبار والمعلومات الحربية، خاصة ما يتصل بالأسلحة الجديدة التي أدخلها الأعداء في الحرب، وحققوا بها انتصاراتهم في غفلة من العرب المتناحرين، منها: القنابل النفطية،
Shafi da ba'a sani ba