Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Nau'ikan
وانشغل عنها الأمير عبد الوهاب بمطاردة ملك الروم، دون أن تغيب أخبار جراحها عنه حتى وهو في ساحات أعتى المعارك التي جاءت تلك المرة عاتية من جانب الأروام البيزنطيين، الذين أغراهم وشدد من هجماتهم تيقنهم من غائر جراح الأميرة ذات الهمة، وما أحدثه من تهاو وهبوط بمعنويات جند العرب. •••
إلا أن عبد الوهاب تسلم راياتها مواصلا القتال، مطاردا فلول الأروام البيزنطيين إلى أن شتتهم في السهول وشعاب الجبال، وانسحب ملكهم إلى ما وراء القسطنطينية التي كانت قد تهاوت تحت هجوم العدوان البيزنطي.
ومن جديد ضرب عبد الوهاب حصاره حول العاصمة، مطلقا للبطال وفيالقه التسرب إلى داخل أسوارها انتظارا لفتح الطريق أمام الأمير عبد الوهاب وجيشه لدخولها مرة أخرى.
وظلت ذات الهمة رغم ضراوة جراحها لا تكف عن مراسلة عبد الوهاب وتزويده بخططها خلال فترات حصاره للقسطنطينية، لا يغيب عنها الأمل لومضة في إعادة استردادها، وتقويض تسلطها الطامع في المسلمين وخلافتهم على مدى الأجيال، كما ظلت على اتصال بالخليفة تكاتبه حول كل ما يستجد،
إلى أن وافت المنية ذات الهمة، وشاع خبر استشهادها الذي حذرت مسبقا من نشره وإشاعته بين الناس؛ حتى لا يصل أسماع ابنها عبد الوهاب في لحظات جهاده المضنية الحاسمة التي كانت على دراية بتفاصيلها وهي نصف غائبة عن الوعي، مخافة ما يمكن أن يحدثه خبر وفاتها من إحباط لجهاده، وهي التي أزهقت أنفاسها طيلة عمرها لتحقيقه.
وهكذا ماتت الأميرة ذات الهمة وووريت التراب، وبكتها أمم الأرض إلا ابنها عبد الوهاب، الذي ما إن تحقق من وصوله إلى هدفه باقتحام القسطنطينية مرة أخرى، وفرض الجزية لخليفة المسلمين، حتى أسرع الخطا لزيارة قبرها، وشق ثيابه حزنا وكمدا عليها وهو يرثيها بأبلغ الشعر.
ذلك أن عبد الوهاب كان على دراية بكل الخبايا حتى لحظة مفارقة أم المجاهدين للحياة.
كان عبد الوهاب على دراية يقينية بموت ذات الهمة، مواصلا تحقيق غاياتها في الجهاد دون التفاتة إلى الوراء، إلا أن ما حز غائرا في أعماق عبد الوهاب كحد النصل، هو أنه الوحيد الذي لم يشهد لحظات جراحها ومفارقتها لحياة المعارك وساحات الجهاد.
وظل على الدوام يعاني ذلك الإحساس الدفين بالذنب من الكيفية التي تخلى فيها عنها، متهاوية طريحة تعاني السقوط من أعلى هامة جوادها، وهي تهفو إليه بكل جوارحها، مشيرة بذراعها المشهر الذي يقطر بالدم، داعية إلى التقدم ومواصلة اليقظة الكاملة لكمائن الأعداء المتوثبين من حول عبد الوهاب، فما كان منه سوى مواصلة التقدم دون التفاتة تحسر واحدة لأمه ... ورفيقة جهاده التي ووريت أخيرا التراب.
حفيد ذات الهمة يحكم الأندلس
Shafi da ba'a sani ba