Amir Umar Tusun
الأمير عمر طوسون: حياته – آثاره – أعماله
Nau'ikan
سموه يدير أعمال بعض الأمراء
ولقد اكتسب سمو الأمير من ألوان التجارب في إدارته لمزارعه ونهوضه بأمورها الإدارية والمالية ما لا يحيط به البيان. ويكفي أنه لم تمض فترة طويلة حتى كانت مواهبه الطبيعية قد أهلته لأن يكون في طليعة المزارعين العظام؛ في سعة الاطلاع، وفي الشئون الاقتصادية التي غدا فيها جميعا يشار إليه بالبنان. ومن هنا عهد إليه بالإشراف على إدارة دائرتي الأمير حسن باشا ابن الخديوي العظيم إسماعيل والأميرة خديجة هانم، مع ملاحظة شئون دائرة الأمير محمد إبراهيم وغيره من أفراد الأسرة العلوية المجيدة. وكان سموه في كل هذه الأعمال، وما تستلزمه من التضحيات الثمينة بالوقت النفيس، والجهد الجهيد، متفضلا متطوعا، غير مبال بتعب أو حافل ببذل - شأنه في كل خدماته العامة، يحدوه حب الخير الغريزي، وإسداء المعروف لذاته - سواء للقريب أو البعيد بغير أدنى مفاضلة. ولعله من تقرير الوقائع، وإيراد الحقائق، أن نذكر أنه بفضل همة الأمير عمر، وحسن إرشاداته، وجميل رعايته، أصبحت هذه الدوائر في الناحية الإدارية مثالا يحتذى، وأصبحت في مقام ملحوظ، مدعم الأساس، على أكمل الوجوه!
من علامات حسن إدارته
كان سمو الأمير عمر - منذ شبابه الباكر - يميل للعمل، فلم يطاوع في حياته الأهواء، بل كان يملأ كل يوم من أيام عمره المبارك، بكل ما يدر الخير، ويؤتي أطيب الثمرات. وفي ذلك يقول عنه صاحب السمو الملكي الأمير الجليل محمد علي - أطال الله حياته - في حديث نشرته جريدة «المصري» الغراء لسموه مع مندوبها عن الأمير عمر طوسون ما نصه بالحرف الواحد:
كان سمو الأمير عمر طوسون أصغر أنجال طوسون باشا. نشأ على حب الدين والشرق؛ فكان يحافظ على التقاليد الشرقية والإسلامية محافظة دقيقة، لدرجة أنه في أيام شبابه لم نسمع عنه أنه انقاد لأهواء الشباب وميوله كسائر الشبان، بل حافظ على كرامة نفسه، فكان يصرف كل أوقاته في الأعمال النافعة كتنظيم دائرته وإصلاح أراضيه في حزم وقوة إرادة، عاملا على استرداد الأطيان والأملاك التي كان يبيعها أخوه وأخته، وذلك بأن اشتراها لحفظ ثروة المرحوم والده كاملة لأولاده. واستمر سموه على إدارة شئون الدائرة التي استلمها سموه مرهقة بالديون دون ملل، وبكل ما أوتي من جهد ونشاط مدة خمسين عاما تقريبا مسددا للديون، ومشتريا للأطيان المذكورة.
وهذه الشهادة العظيمة التي يفضي بها سمو الأمير الجليل محمد علي هي آية عظيمة، تنطق من تلقاء نفسها بحسن إدارة سموه لأعماله، وهي تغني عن كل إفاضة. ويستطيع المؤرخ أن يتأملها في روية، ليتضح له من بين السطور أن عنايته وجهوده قد كفلتا لكل ما بذله من خدمة ألوان النجاح والتوفيق؛ مما مكنه من المحافظة على أملاك والده، بتسديده ما عليها من التزامات، مع توسيع نطاقها بشراء نصيب شقيقه وشقيقته، وبمثل هذا المثال القويم فليعمل العاملون!
صاحب السمو الملكي الأمير الجليل محمد علي.
أياديه على النهضة الزراعية
إن كل إنسان يعلم أن مصر الزراعية في حاجة على الدوام لإنهاض الزراعة: فالزراعة هي أساس ثروتها القومية. وأولئك الذين اطلعوا على جهود سمو الأمير في هذه الناحية الهامة، أو استمعوا لآرائه، يدركون أن سموه كان معلما منيرا يوجه بتعاليمه وإرشاداته إلى السبل التي تكفل تحقيق هذه النهضة المنشودة. والمقربون إلى سموه يحدثونك عن دوام تنقلاته إلى ضيعاته الزراعية في متعدد القرى من ريف مصر، فلم يكن يمر شهر إلا ويمضي منه جانبا كبيرا بين المزارعين، مشرفا على سير الأعمال الجارية، متعهدا شئون موظفيه وعماله، ومستأجري أراضيه، وذلك فضلا عن جهوده في الجمعية الزراعية منذ زهاء 40 سنة التي تولى رئاستها بعد المغفور له ساكن الجنان السلطان حسين كامل، وسيأتي فيما بعد تفصيل جهوده في توسيع نطاقها؛ مما جعل نفعها أعم، بحسن توجيهاته، وبما كفل للبلاد هذه النهضة الزراعية الزاهرة، التي يعود إليه نصيب كبير من فضلها، بدوام ترقيته للشئون الزراعية، وعنايته بتقدمها؛ الأمر الذي أسفر في النهاية عن أعظم الآثار في الحياة الزراعية المصرية.
الفصل الثالث
Shafi da ba'a sani ba