Amin Khuli
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
Nau'ikan
60 (11) مثالية شاملة، لا مذهبية
وإذا سخرت نظرية التطور إلى كل هذا الحد في صلب الديمومة الزمانية للإسلام، فلن يعني هذا البتة أن أمين الخولي مناد بمذهب جديد هو - مثلا - التطورية الإسلامية، أو أن هذا امتداد ما للدعاوى الزائفة بأسلمة النظريات العلمية والمذاهب الغربية الكبرى. كلا، فالأمر - كما ذكرت - مجرد تشغيل حذر بارع لمقولة مجدية من العبث تجاهلها أو إنكارها.
في كل حال يظل ديدن الإسلام - بتعبير الخولي - هو «مثالية لا مذهبية»، مثالية تتقبل كل إصلاح اجتماعي دون ضغط، فليس الإسلام هو الذي يزيد المذاهب مذهبا والآراء رأيا، بل الإسلام مثالية تقابل الواقعية. بهذه المثالية «يفتح باب الخلود والبقاء الأبدي للدعوة الإسلامية، إذ تستطيع مع هذه المثالية أن تساير التطور وتجاري التقدم، وتتلقى كل جديد صحيح مدروس، لا تبرم به، ولا تعارضه بفهم سابق، يمثل مرحلة من مراحل الماضي التي غادرتها الدنيا، وتقدمت عنها الحياة، وتلك هي المثالية المقابلة للواقعية.»
61
لقد أكد الخولي على أنه لا مذهبية في القرآن أبدا. وكرس لهذه القضية كتابه «في أموالهم» ليدحض القول برأسمالية الإسلام وباشتراكيته على السواء، فهذا «محاولات تلفيقية يجل عنها الإسلام، وتكلفات مغتصبة يأبى أن يشد إليها الإسلام، على حين هو يقدم من الشعور الإنساني والأصل الاجتماعي ما يدع للإنسانية حرية الفكر وحرية الممارسة وحرية التجربة.»
62
التطور أفق مثالي للإسلام، وليس مذهبا جديدا يوضع بجوار مذهب هربرت سبنسر مثلا. ومن منطلق المثالية بآفاقها الرحيبة مقابل المذهبية بحدودها التعصبية التي ينبغي طرحها عن رحاب الإسلام، يتبدى أمامنا التطور كمجرد أفق شامل للتجديد الديني، فيصادر الخولي على أن كل شيء يتغير مع الزمن في صورته ومفهومه العقلي ووقعه على النفس، وفي التعبير عنه والتمثل له. والقرآن يقرر أنه بالتغير يعامل المتغير، فيجب على المفكر الديني أن يقدر كل هذا، فيغير عرضه وتعبيراته واستدلالاته.
ويعترض الخولي على قول لشيخ الأزهر - منشور بجريدة الأهرام في 27 رمضان 1384 - يقصر فيه التطور على أحكام العبادات، وينأى به عن الأصول والعقائد. فيؤكد الخولي أن التغير والتطور سنة شاملة في الأصول: العقائد والعبادات والمعاملات، وفي هاتين الأخيرتين شريعة الإسلام هي انتخاب ما نراه أيسر عملا وأصلح للبقاء.
لقد كان التغير أمرا واقعا في الحياة الاعتقادية لعصر الإسلام الذهبي إبان القرون الهجرية الأربعة الأوائل، حيث تتكشف اختلافات، بل صراعات جمة حول العقيدة. ومن العقائد ما بلغ الاختلاف حولها حد سفك الدماء، كالذات والصفات وخلق القرآن. بالطبع ليس مثل هذا التغيير ولا موضوعاته هو المنشود أو حتى المطروح، لكنه بيان لإمكانية الاختلاف، وبالتالي قابلية التطوير والتجديد، فينتهي الخولي إلى أن «تطور العقائد ممكن، وهو اليوم واجب لحاجة الحياة إليه، وحاجة الدين إلى تقريره.»
63
Shafi da ba'a sani ba