204

المجالس الفقهية

المجالس الفقهية

Mai Buga Littafi

تكوين للدراسات والأبحاث - الرياض

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م

Inda aka buga

السعودية

Nau'ikan

فتطلبتها في بعض الكتب فوجدت برهانًا صحيحًا يبين بطلان قولي وصحة قول خصمي، وكان معي أحد أصحابنا ممن شهد ذلك المجلس فعرَّفته بذلك، ثم رآني قد علمت على المكان من الكتاب، فقال لي: ما تريد؟ فقلت: أريد حمل هذا الكتاب وعرضه على فلان وإعلامه بأنه المحق وأني كنت المبطل وأني راجع إلى قوله. فهجم عليه من ذلك أمر مبهت، وقال لي: وتسمح نفسك بهذا! فقلت له: نعم، ولو أمكنني ذلك في وقتي هذا لما أخرته إلى غد. واعلم أن مثل هذا الفعل يكسبك أجمل الذكر مع تحليك بالإنصاف الذي لا شيء يعدله. ولا يكن غرضك أن توهم نفسك أنك غالب، أو توهم من حضرك ممن يغتر بك ويثق بحكمك أنك غالب، وأنت بالحقيقة مغلوب، فتكون خسيسًا وضيعًا جدًّا وسخيفًا البتة وساقط الهمة) (^١). وبالرغم مما ذكر من كثرة توكيد العلماء على ضرورة التزام الآداب في مجالس النظر إلا أن انكفاف النفس عن بعض حدتها وانتصارها في مشاهد المغالبة عزيز، ولذا كره المناظرة من كرهها، ونأى بنفسه أو بغيره عنها من نأى؛ لأنه يتباعد بفضله عن المضايق التي ربما اضطرته إلى ما لا يرضاه لنفسه أو لغيره من الاستطالة. ومن الأمثلة على هذا ما روي من سؤال بعض الشافعية لأبي عمران الفاسي (ت ٤٣٠ هـ) عن الحجة فيما يقوله في مجلس ضمه مع القاضي أبي بكر الباقلاني (ت ٤٠٣ هـ) ببغداد، فأطرق الشيخ أبو عمران، فرفع رأسه شاب من أهل بغداد من المالكية فقال للسائل: أصلحك الله، هذا شيخ من كبار شيوخنا، ومن الجفاء أن تكلفه المناظرة من أول وهلة، ولكن أنا أخدمه في نصرة هذه المسألة وأنوب عنه فيها (^٢). وقال الشافعي (ت ٢٠٤ هـ) لمحمد بن الحسين (ت ١٨٩ هـ) أوَّل ما سأله المناظرة: إني أجلك عن المناظرة (^٣). وألح عليه في المناظرة يومًا في مسجد الخيف من

(^١) التقريب لحد المنطق من: رسائل ابن حزم (٤/ ٣٣٧). (^٢) ترتيب المدارك، القاضي عياض (٤/ ٢٦٠). (^٣) مناقب الشافعي، البيهقي (١/ ١٠٧).

1 / 215