المجالس الفقهية
المجالس الفقهية
Mai Buga Littafi
تكوين للدراسات والأبحاث - الرياض
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م
Inda aka buga
السعودية
Nau'ikan
يرويه عبد الرحمن بن مهدي (ت ١٩٨ هـ) من أن عبد الواحد بن زياد (ت ١٧٧ هـ) قال لزفر (ت ١٥٨ هـ): صرتم حديثًا في الناس وضحكة. قال: وما ذاك؟ قال: تقولون في الأشياء كلها: ادرؤوا الحدود بالشبهات، ادرؤوا الحدود بالشبهات. فصرتم إلى أعظم الحدود، فقلتم: يقام بالشبهات! قال: وما ذاك؟ قال عبد الواحد: قال رسول الله ﷺ: «لا يقتل مؤمن بكافر»، وقلتم: يقتل به. قال: إني أشهدك أني قد رجعت عنه الساعة. قال الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ هـ) معلِّقًا على ذلك: (كان زفر بن الهذيل من أفاضل أصحاب أبي حنيفة، فلما حاجه عبد الواحد في مناظرته، وفتَّ في عضده بحجته، أشهده على رجعته؛ خيفةً من مدع يدعي ثباته على قوله الذي سبق منه بعد أن تبين له انه زلة وخطأ، وكذلك يجب على كل من احتُجَّ عليه بالحق أن يقبله ويسلم له، ولا يحمله اللجاج والجدل على التقحم في الباطل مع علمه به، قال الله تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: ١٨] (^١).
ومن الأخلاق الجميلة المحكية عن أئمة الهدى في مناظراتهم ما رواه العباس بن عبد العظيم العنبري (ت ٢٤٦ هـ) قال: كنت عند أحمد بن حنبل (ت ٢٤١ هـ) وجاءه علي بن المديني (ت ٢٣٤ هـ) راكبًا على دابة، قال: فتناظرا في الشهادة وارتفعت أصواتهما، حتى خفت أن يقع بينهما جفاء، وكان أحمد يرى الشهادة، وعليٌّ يأبى ويدفع، فلما أراد علي الانصراف قام أحمد فأخذ بركابه (^٢).
ومن أخلاق الكمال في المناظرة ما حكاه أبو محمد بن حزم (ت ٤٥٦ هـ) فقال: (ناظرت رجلًا من أصحابنا في مسألة فعلوته فيها لبكوء كان في لسانه، وانفصل المجلس على أني ظاهر، فلما أتيت منزلي حاك في نفسي منها شيء،
(^١) الفقيه والمتفقه (٥٢٦). وحديث: «لا يقتل مؤمن بكافر». رواه أحمد (٩٥٩) وغيره، من حديث علي ﵁ وغيره. (^٢) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر (٢/ ٩٦٨). ومسألة الشهادة المذكورة يراد بها الشهادة بالجنة لمن شهد بدرًا والحديبية أو من جاء فيه أثر مرفوع.
1 / 214