151

والبداهة لا تستلزم أن يكون الصغير منجذبا إلى الكبير، وأن تقضي الحركة المركزية بالدوران في فلك لا تتعداه.

وجائز في رأي العقل كل الجواز أن تكون حرارة ولا إشعاع، وأن يكون انشقاق ولا انجذاب.

وجائز في حكم العقل ألا تكون نواة ولا تكون كهارب، أو أن تكون حرارة ولا برودة، وأن يكون تركيب من أجزاء متشابهة لا يتولد منها اختلاف.

فلماذا حدث هذا ولم يحدث غير هذا؟

ولماذا كان حدواث هذا موافقا لاختلاف الكواكب، وكان اختلاف الكواكب موافقا لاختلاف العناصر، وكان اختلاف العناصر موافقا لاختلاف الفصول والمواسم، وكان اختلاف الفصول والمواسم موافقا لقبول الحياة وتدبير ما يلزمها من نسب الحرارة وما يلزمها من قوام وغذاء؟

إن العقل البشري هنا بين فرضين يختار منهما ما يشاء، ولا محيص له من الاعتماد على سبب مفهوم لهذا الاختيار.

فإما أن يفرض أن القصد مستحيل وأن الجائز دون غيره هو أن يحدث النظام لامتناع الفوضى، وتحدث الحياة لامتناع الموت، ويحدث الإبصار لامتناع العمى، ويحدث كل شيء سلبا بغير إيجاب.

وإما أن يفرض أن القصد يدل على القاصد المريد، وأن الحقيقة الإيجابية شيء له وجود، وليس الوجود كله للحقيقة السلبية في هذا الكون «الموجود.»

ولكنه لا يستطيع أن يفرض الفرض الأول لغير سبب، فما هو هذا السبب؟ وما هو الموجب لهذا الادعاء؟

بل نحن لو فرضنا أن العلل السلبية هي التي تؤدي إلى هذه النتائج الإيجابية لما أعفانا ذلك من الحكم بأن العلل السلبية هي التدبير الذي يؤدي إلى تحقيق الغاية المقصودة.

Shafi da ba'a sani ba