Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
Bincike
علي معوض وعادل عبد الموجود
Mai Buga Littafi
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
1418 AH
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
فأخذ القَرَوِيُّ يَهْزَأ به، ويقولُ: إنَّ كبار المفْتِينَ ما أجابُوني وهذا فقيرٌ عامِّيّ، كيف يجيبُنِي؟ وأولئكَ المفتُونَ ينِظِرونَهُ.
فلما فَرَغَ من كلامه معَهُ، دَعَوُا القَرَويَّ، وسألوه: ما الذي حدَّثَكَ به هذا العامِّيُّ؟
فشرَحَ لهُمُ الحال.
فَجَاءُوا إِلَيْهِ، وتعرَّفوا به، واحْتَاطُوا به، وسألُوه أن يعقد لهم مجْلِساً، فوعَدَهُمْ إلَى ثاني يَوْمٍ، وسافر من ليلته، رضي الله عنه.
رِحْلَتُهُ إلَىْ بَيْتِ المَقْدِس وَمَكَّة:
ارتحل الغَزَّاليُّ بعد ذلك إلَى بَيْتِ المَقْدِس؛ حيث كان كثيرَ الاعتكافِ هناك، وبخاصَّة في مسْجد قُبَّة الصَّخْرَةِ، وزار قَبْرَ إبراهيمَ الخليل - عليه السلام -، ثم ارتحل إلَى مَّة؛ لأداء فريضةِ الحَجِّ.
رحْلَتُهُ إِلَى «مِصْرَ»:
واستمرَّ الغَزَّالِيُّ - رحمه الله - يجولُ في البُلْدان، ويطُوفُ على المساجد يعتكفُ فيها، ويأوى إلى الْقِفَارِ، يروِّض نفْسَه، ويجاهِدُها بعزيمةٍ صادِقَةٍ، ويكلِّفها بأنواع القُرَب والطَّاعَاتِ.
أما رخلتُه إلى ((مِصْر))، فقد ذكرها كثير مِنْ كُتُب التراجِمِ والتارِيخِ، غير أن الغَّالِيَّ لم يُشِرْ إلى هذه الرحْلَة، ولعلَّه قد أُنْسِيَ الإشارة إلَيْها، أو أنَّه تعمَّد عَدَم الإشَارَةِ إلى ذلك، لكراهيته الحُكْمَ الفاطِمِيَّ الذي كانَتْ تحته مصر في ذلك الوقْتِ، حيث إن كُتُبُهَ لم تُنْتَشَر فيها، لمخالفتها عقيدةَ الدَّوْلَة، إذْ مِنَ المعلومِ أنَّه كان أشْعَرَيّاً أميناً لِمَذْهَبِهِ، حَرِيصاً عَلَيْهِ.
عَوْدَةُ الإِمَامِ الغَزَّاليِّ إلَىْ وَطَنِهِ ((طُوسَ)):
ثم رجَع الإمامُ الغزّاليُّ إلى مَسْقطِ رأسِهِ ((طُوس))، بعدأن رحل من الإسكندرية إلى دمَشْقَ، ثم نَيْسَابُور، ثم بَغْدَاد، وانتهَى به التَّرْحَالُ بعد ذلك إلَى أن استقَرَّ في وطنه الأوَّل ((طُوس)).
يقول الشُّبْكيُّ في ((طبقاته)): ((ثُمَّ رجع إلى مدينة ((طُوس))، واتخذ إلَى جانِبِ دَارِهِ مدرسةً للفقهاء، وخانِقَاه للصوفيَّة، ووزّع أوقاتَهُ في وظائفَ؛ مِنْ خَتْم القرآنِ، ومجالسَةِ أربابِ القُلُوب، والتذْرِيسِ لطلَّبَةِ العلْمِ، وإدامَةِ الصَّلاة والصِّيَامِ، وسائرِ العبادات .. ))
ويقولُ عبْدُ الغَفَّارِ الفَارِسيُّ: ((وكانَتْ خاتمةُ أمره إقبالَهُ على حديث المصطفَى - صلَّى اللَّه عَليْه وسلَّم - ومجالَسَةِ أهْلِهِ، ومطالعَةِ الصَّحِيحَيْن: البخاريِّ ومُسْلِمٍ، اللَّذَيْنِ هما حُجَّةُ الإسلامِ)).
وكان سَبَبُ اهتمام الغَزَّالِيِّ - رحمه الله - بالحديثِ النبويِّ الشريفِ في آخر حياتِهِ بعْد استقْرَارِهِ في ((طُوس)) - هو أنَّهُ لم يتوفّر على دراسَةِ الحديثِ مِنْ ذِي قَبَلُ.
يقولُ ابنُ النَّجَّار: ولم يكنْ له إسنادٌ، ولا طَلَبَ شيئاً من الحديث، وَلم أرَ لَهُ إلَّ حديثاً
19