============================================================
مقالات البلى الثواب، ومنزلة الثواب أسنى وأرفع من منزلة التفضل، فأراد الله لهم أعلى المنزلتين وأفضل الدرجتين، ولم يجز في الحكمة أن يعطي منزلة الثواب من لم يعمل؛ لأن ذلك يستحيل؛ لأن الثواب لا يكون إلا على عمل قالوا: فإن قال قائل: إن هذه المنزلة الدون مع السلامة مع الآلام والمحن كانست أحب إليهم وأخفت عليهم؛ قيل له: إن الأصوب والأصلح ليس ما تستلذ هذا الطباع وتخف عليه، بل ما هو يصخ في العقول وما يرجح فيها، ألا ترى أن ترك شرب الدواء أخ إلى المريض وأخفث على طباعه وأكل الحلوى الألذعنده من تجرع الذواء ومن الحجامة وقطع الجارحة، والأصوب الأصلح له هو ما تكرهه طباعه وتستقله دون ما تستلذه وتستحقه.
فإن قالوا: فإن المحنة قد أدتهم أو أكثرهم إلى الكفر واستحقاق الخلود في النار؛ قلنا: معاذ الله من ذلك، ما المحنة أدتهم إلى ماصاروا إليه ولا أوقعتهم فيه، ولكنهم صاروا إلى ذلك بسوء اختيارهم واتباعهم أهواءهم وأمر الشيطان وخطواته، وقد عرضهم الله بالمحنة للجنة والنعيم الدائم الذي لا ينقطغ، ولو كان التعريض والمحنة هما أوقعاهم في الكفر لأوقع المؤمنين في مثل ذلك؛ فقد امتحنوا واخثبروا، فلما استوى المؤمن والكافر في الامتحان والتعريض واختلفا في الكفر والإيمان، علمنا أن الكافر لم يكفز للامتحان والاختبار.
قالوا: فإن قال قائل: فهلا ترك خلق الكفر وتبليغه إلى وقت/ التكليف، وقد علم أنه يكفر؟
قيل له: لم يترك خلقه ولا التبليغ به؛ لأن الخلق والتبليغ كانا خيرا له وأصلح، وهو لما خلقه وبلغ به مثل بالذي فعل بالمؤمن، والذي فعل بالمؤمن
Shafi 332