136

المنصوري في الطب

المنصوري في الطب

إن الوباء يحدث في آخر الصيف وفي آخر الخريف. فإذا كانت في الصيف أمطار كثيرة ودام فيه الغيم بالليل والنهار وكثر فيه هبوب الجنوب وكان الهواء فيه راكدا ومدا غير متحرك وهو مع ذلك جنوبي كدر، فليحذر اللحم والشراب والحلواء والفاكهة الحلوة الرطبة والحمام والاغتسال بالماء الحار. وليكثر من الخل وما يعمل منه ومن ربوب الفاكهة الحامضة كرب الحصرم والريباس والرمان والتفاح والسماق وحماض الأترج. ويكثر فيه من شرب السكنجبين الحامض. وإن لم يكن بد من أكل اللحم فليأكل الدراريج والفراريج ولحوم الجداء والعجاجيل متخذة بالخل أو بماء الحصرم والسماق ونحوها والقريص والهلام والمصوص. وإن رأى في البدن أدنى حركة للدم، أخرج على المكان ولم يدافع به ويلزم المجالس الباردة التي أبوابها وكواها نحو الشمال فإنه بهذا التدبير يمكن أن يتخلص في هذه الحال من أحوال الهواء من الجدري والحصبة والطاعون والخراجات الرديئة والحميات المطبقة. وليحرص الصبيان والفتيان وأصحاب الأبدان الخصبة الحمر الألوان في هذه الحالة أكثر من غيرهم. وإذا كان في آخر الصيف حر شديد وكان الخريف شديد اليبس كثير الغبار وأبطأ المطر والبرد فينبغي أن يبرد المجلس ويرطب بالخيوش ورش الماء. وليلزم الدعة والراحة. وليحذر التعب والجماع. وليغتسل بالماء البارد ويشرب ماء الثلج. ويأخذ بالغداة السويق بالسكر والماء المبرد بالثلج ويحذر الأغذية المسخنة والشراب إلا بالماء الكثير البارد. وليكثر من أكل القثاء والخيار والقرع والفرفين ونحوها من الأغذية المبردة. ويحذر التعرض للشمس والصوم والمدافعة بالجوع والعطش ويلزم القيلولة في الأماكن الباردة. والأغذية التي ذكرناها. وأن يشرب ماء الشعير في هذه الحالة كل يوم، فإنه نافع وخاصة لأصحاب المزاج الحار اليابس، فإنهم أحوج الناس إلى هذا التدبير وبه يمكن أن يتخلصوا في هذه الحالة من الحميات المحرقة الخبيثة. وأما إذا كثرت البثور واليرقان وكانت تهب الرياح فيمرض في هذا الزمان بعقبها خلق كثير من الناس والبهائم ويظهر بالليل في الهواء شعاعات ويسرع فيهم الموت إلى من يمرض من هؤلاء وكان المرض يضيق بأنفاسهم وتبخر أفواههم ويجدون غما وكربا ولهيبا شديدا وعطشا وتبرد أطرافهم ويقيئون ويختلفون أشياء سمجة مختلفة، فإنه ينبغي أن يجتنب الثمار والبقول الكائنة في ذلك الوقت وشرب الماء الظاهر على وجه الأرض. ويلزم البيوت ويهرب من الهواء البارد ويرش البيت في كل يوم بماء وخل ممزوجين. وإن كان في الهواء مع ذلك شبيه ريح عفن ونتن فليتبخر بالصندل والكافور ويرش الماء ورد. ويرسل على باب البيت ستر قد بل بماء ورد، ويجعل الأغذية من الخل والعدس والسماق والقريص والهلام والحصرم. ويتجرع بالخل والماء ممزوجين ويهجر الشراب. وقد ينفع في هذه الحال أن يؤخذ كل يوم قرص من أقراص الكافور ويشرب الماء بالثلج ويغتسل بالماء البارد. وقد ذكر رجل من قدماء الأطباء أنه إن أخذ من الصبر جزأين ومن الزعفران والمر من كل واحد جزء وسقي منه في أيام الوباء كل يوم اثنا عشر قيراطا مع أوقية شراب ممزوج انتفع به جدا. وأنه لم ير أحدا ممن شرب هذا الدواء في إبان الوباء إلا وسلم. وذكر جالينوس أن شرب الطين الأرمني بالخل والماء ينفع في هذه الحال جدا. وأن ترياق الأفاعي ينفع جدا. ومما ينفع أن يتبخر به في حال عفن الهواء، القسط والكندر والميعة والعود والصندل والمسك والكافور والمر. وربما كثرت الخوانيق في الربيع في بعض السنين وكانت مع ذلك رديئة قاتلة، فينبغي في هذه الحال أن يتقدم بالفصد وحجامة الساق وإسهال البطن. ويتغرغر كل يوم وليلة بالماء ورد الذي نقع فيه السماق وبرب التوت ورب الجوز. وربما كثرت في شتوة ما السكتة والفالج ونحوهما من الأمراض. فينبغي أن يتعاهد في مثل هذه السنة النفض المذكور في هذه الأبواب والتغرغر والتعطس. ومرخ الجسد بالأدهان المذ كورة هناك وتقليل الغذاء وتلطيفه.

في تدبير البدن بحسب الأزمنة:

Shafi 228