Al-Hadith wal-Muhaddithun
الحديث والمحدثون
Lambar Fassara
الأولى ١٣٧٨ هـ
Shekarar Bugawa
١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية
Nau'ikan
كانت هذه البعوث رسل رحمة، وهداية للناس بما حملوه إليهم من القرآن، والسنة اللذين هما حياة النفوس والأرواح، كما كانت هذه البعوث عاملا مهما في نشر حديث النبي ﷺ، بين المسلمين في أنحاء الجزيرة. وقد كان النبي ﷺ، يتخير لهذه المهمة من كان على جانب عظيم في العلم بالقرآن، والسنن وكان يزودهم بحديثه الشريف، وإرشادهم الحكيم، ويعلمهم كيف يدعون إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة. أنظر إلى قوله لمعاذ بن جبل، حين بعثه إلى اليمن:
"إنك تأتي قوما أهل كتاب فقل لهم: إن الله فرض عليكم في اليوم والليلة خمس صلوات، فإن هم أطاعوك فقل: إن الله فرض عليكم في السنة صوم شهر رمضان، فإن هم أطاعوك فقل: إن الله فرض عليكم حج البيت من استطاع إليه سبيلا، فإن أطاعوك فقل. أن الله فرض عليكم في أموالكم صدقة تؤخذ من أغنيائكم فترد في فقرائكم"، إلخ وبطبيعة الحال كان المبعوث يبين أحكام كل ذلك، بما سمعه من حديث النبي ﵊. وبسب هذا الهدي النبوي آتت هذه البعوث ثمرتها الطيبة، في نشر الحديث الشريف بين ربوع المسلمين.
٢- وفود القبائل إليه ﷺ، وأثر ذلك في نشر الحديث:
لما تم لرسول الله ﷺ هذه الانتصارات الباهرة، والفتوح المتكاثرة، وفرغ من غزوة تبوك جاءته الوفود من أطراف الجزيرة العربية تضرب إليه أكباد الإبل، يحفزها الشوق إلى لقاء هذا النبي الأمين ليأخذوا الدين من منبعه الأول، فقد عرفت هذه القبائل أنه لا طاقة لها بحرب، محمد ﷺ بعد أن انضوت قريش تحت لواء الإسلام. وقريش هي هي في نظهم لها الإمامة والسيادة، فدخلت هذه القبائل في الدين أفواجا، ووفدوا على رسول الله ﷺ زرافات، ووحدانا مصداقا لقوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
1 / 58