Al-Hadith wal-Muhaddithun
الحديث والمحدثون
Lambar Fassara
الأولى ١٣٧٨ هـ
Shekarar Bugawa
١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية
Nau'ikan
أمهات المؤمنين يبلغن الحديث عن رسول الله:
ولا ننس ما لزوجاته ﷺ، من فضل كبير في تبليغ أحكام الدين، ونشر السنن بين نساء المؤمنين، لا سيما ما كان من عائشة ﵂، التي كانت على مقدار عظيم من الذكاء، والفهم فقد كانت تسأله ﷺ، وتناقشه في بعض المسائل، التي قد تخفى عليها، وتستوضح عن كثير من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، روى البخاري في كتاب العلم عن ابن أبي مليكة، أن عائشة زوج النبي ﷺ، كانت لا تسمع شيئا لاتعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه.
وأن النبي ﷺ، قال: "من حوسب عذب". قالت عائشة: أو ليس يقول الله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ . قالت فقال: "إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك". ولعل من الحكم التي لأجلها أباح الله لنبيه ﷺ، الزواج بأكثر من أربع قيام هؤلاء الزوجات بالتبليغ عنه ﷺ، وبخاصة في الأمور، التي لا توجد منه ﷺ بين أصحابه، أو يستحي من فعلها بينهم، ولا يمكن الاطلاع عليها لأحد غير أمهات المؤمنين، ﵅ لذلك نجد أصحاب رسول الله ﷺ من بعده، إذا اختلفوا في شيء من الأحكام كالغسل، والحيض والجماع، ونحوها يلجأون إلى أمهات المؤمنين، ويرجعون إلى أقوالهن، عن رسول الله ﷺ، وبذلك يزول ما بينهم من خلاف.
هذا ولا ريب في أن نساءه، ﷺ، كن على جانب عظيم من العلم فقد أمرهن الله تعالى بالاستقرار في بيوتهن، ومدارسة القرآن والسنة في قوله: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾، إلى أن قال: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ .
لذا كان لأمهات المؤمنين أثر فعال في نشر السنة، ولولاهن لضاعت أحاديث، وأحكام ما كنا لنطلع عليها من غيرهن، ولا سيما الأفعال التي تقع بين النبي ﷺ، وأزواجه مما لا يمكن لأحد الاطلاع عليها، والوقوف على أحكامها.
1 / 56