Al-Hadith wal-Muhaddithun
الحديث والمحدثون
Lambar Fassara
الأولى ١٣٧٨ هـ
Shekarar Bugawa
١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية
Nau'ikan
علينا"، وفي هذه المجالس كان ﷺ، يفيض على أصحابه من الكلم الطيب والعلم النافع، والهدى الرشيد ما يشرح صدورهم ويفعم قلوبهم. وكانوا يحضرون أولادهم مجالس الرسول ﷺ لسماع حديثه، والتأدب بآدابه، وكان ﵇ كثيرا ما يستفتي فيفتي أو يسأل، فيجيب أو تقع أمامه الحادثة، فيكشف عن حكم الله فيها، أو تنزل عليه الآية من القرآن، فيفصح عن مراد الله منها، أو يقع من بعض الصحابة عمل لم يكن يعرف حكمه، فيسكت إيذانا منه بأنه جائز في الدين.
ولا تظن أن رسول الله ﷺ، كان ملكا محجوبا عن رعيته، أو سلطانا مترفعا عن الاختلاط بأفراد أمته. بل كان على عكس ذلك متقلبا بين ظهرانيهم يبلغ رسالة ربه، ويعود مرضاهم، ويشيع موتاهم ويفصل في قضاياهم، ويفض منازعاتهم، ويقضي على اختلافاتهم، وهم في كل ذلك مقبلون عليه بآذان صاغية وقلوب واعية.
هذا ولم تكن الصحابة ﵃ في حضور مجالسه العلمية، سواء بل كان منهم من يلازمه، ولا يتخلف عنه في الحضر، ولا في السفر كما كان من أبي بكر، وأبي هريرة ﵄. وكان منهم من يتخلف عنه في بعض الأوقاف لقضاء مصالحه المعيشية كزراعة، أو تجارة أو نحوها، أو الخروج في سرية إلى غير ذلك. ومع ذلك فكانوا حريصين على ما فاتهم من دروس النبي ﷺ، فإذا ما حضروا سألوا واستفسروا. وكان من الصحابة من يشتد به الحرص على حديث رسول الله ﷺ، فيتناوب حضور مجالسه مع جار له يحضر هذا يوما، وهذا يوما ثم يخبر كل منهما صاحبه عما سمعه في يومه، كما جاء ذلك في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب أنه كان هو، وجار له من الأنصار يتناوبان مجالس رسول الله ﷺ، ويخبر كل منهما صاحبه بما رآه أو سمعه.
1 / 51