Al-Andalus: From Conquest to Fall
الأندلس من الفتح إلى السقوط
Nau'ikan
سبب خوف الكفار أصحاب المصالح في الأندلس
السؤال
هل من المعقول أن أهل الأندلس جميعًا قد أعجبوا بهذا الدين ودخلوا في الإسلام راغبين، ولم يوجد فيهم رجل واحد يثور ويعترض ويحب ما كان له من السلطان والمصلحة؟
الجواب
نعم، كان هناك كثير من الرجال أصحاب المصالح، الذين كان لهم كثير من الأعوان، يريدون أن يثوروا على حكم الإسلام، ويحققوا المصالح السابقة التي كانت لهم، وإنما لم يثر هؤلاء القوم؛ لأن رب العالمين ﷾ يقول: ﴿لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ﴾ [الحشر:١٣]، فالمجاهد المؤمن في الفتوحات الإسلامية كانت له رهبة في قلوب النصارى واليهود والمشركين بصفة عامة، والمؤمن يلقي الله عليه جلالًا، فيخافه القريب والبعيد، يقول النبي ﷺ: (نصرت بالرعب مسيرة شهر).
ويقول ﷾ في كتابه الكريم: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ [الحشر:٢]، هذا الرعب لم يكن متولدًا عن بشاعة الحرب، ولا عن إجرام منقطع النظير، ولكن هو هبة ربانية لجنده ولأوليائه ولحزبه ﷾، بل على العكس من ذلك تمامًا، كانت حرب الإسلام رحمة للناس، ففي صحيح مسلم عن بريدة ﵁ وأرضاه أن النبي ﷺ لما كان يودع الجيوش كان يقول: (اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا -أي: تأخذوا من الغنيمة قبل قسمتها- ولا تغدروا -أي: في عهد مع المشركين- ولا تمثلوا -أي: ولا تمثلوا بجثة بعد أن تقتل- ولا تقتلوا وليدًا) وفي رواية: (ولا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلًا صغيرًا، ولا امرأة).
أين هذا من حروب غير المسلمين مع المسلمين؟ أين هذا من قتل مائتي ألف رجل من المدنيين في البوسنة والهرسك وفي كوسوفو؟ أين هذا من فعل الروس في الشيشان، والهنود في كشمير، واليهود في فلسطين؟! إذًا: كانت حروب المسلمين رحمة للناس، ولكن الله ﷾ ألقى على أعدائهم رهبة ورعبًا من المسلمين، لا لبشاعة في الحرب، ولكن لجلال ألقي على المسلمين، لذلك اعتنق الناس الإسلام اعتناقًا، حتى من لم يدخل في دين الإسلام من اليهود والنصارى، فقد سعدوا في ظل الإسلام سعادة وأي سعادة، قال تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة:٨]، فقد تركت لهم كنائسهم، وكان لهم قضاء خاص بهم، ولم يفرق بين مسلم ونصراني أو يهودي في مظلمة.
والعجب كل العجب أن يرفض هؤلاء الناس الإسلام وحكم الإسلام، وقد جاء من عند حكيم خبير، فهو ﷾ يعلم ما يصلح عبيده وكونه وأرضه.
4 / 5