252

Akhlaq Cinda Ghazali

الأخلاق عند الغزالي

Nau'ikan

وبعد هذه المقارنات الموجزة. أوصي القارئ بأن يعتبر هذا الباب لمعة يسيرة في جانب ما يجب من درس آراء الفلاسفة المحدثين وأحضه على إتمام ما فاتني إتمامه، والله بالتوفيق كفيل.

الباب الرابع عشر

في آراء علماء العصر في الغزالي

تمهيد

لا يوجد هذا الباب في النسخة التي قدمت للجامعة المصرية، وإنما رأيت أن أكتبه بعد الامتحان، تتميما للسلسلة التاريخية، التي أردت أن أبين بها قيمة الغزالي في مختلف العصور.

ولقد عجبت حين رأيت العلماء يخشون من تدوين رأيهم في الغزالي بجرأة وصراحة. وحجتهم في ذلك أن الرأي العام لا يقبل في الغزالي غير المدح الخالص، وللغزالي كسائر المؤلفين حسنات وسيئات، وهم لا يستطيعون أن يبدوا شيئا من سيئاته في العلانية، كما لا يمكنهم أن يذكروا حسنات مجردة من النقد، وإلا كانوا عرضة للسخرية والاستهزاء!

وإذا كانت الخطة التي جريت عليها في نقد الغزالي تقضي علي بنشر ما له وما عليه، عملا بالنزاهة العلمية، فقد رأيت أن أثبت آراء أنصار الغزالي وخصومه في هذا العصر، وأدونها كما هي بلا زيادة ولا نقص، معتمدا في ذلك على محادثات خاصة دارت بيني وبينهم، وعلى سند كتابي فيما يتعلق برأي حضرة صاحب العزة الأستاذ محمد بك جاد المولى وحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار. وأنا أشكر هذين الأستاذين بصفة خاصة؛ لأني لم أر من غيرهما جرأة على التقدم بشيء مكتوب، وأعذر من أن أحجم عن الكتابة، لأن الضجة التي قامت بعد الامتحان أفهمت من لم يفهم: أن حرية الفكر في مصر لا ظهير لها ولا نصير.

في آراء علماء العصر في الغزالي

(1) رأي الدكتور منصور فهمي

الدكتور منصور علم من أعلام هذا العصر، وهو أستاذ الفلسفة في الجامعة المصرية، وقد لاقى بسبب آرائه ما يقدر لأمثاله عادة من الظلم والاضهاد. فصلته الجامعة في سنة 1913 مجاراة للجمهور الذي غضب وثار بسبب ما شاع إذ ذاك من أنه رمى النبي عليه الصلاة والسلام بحب الشهوات. وقد رأى حضرة صاحب الدولة سعد باشا زغلول أن حرمان الجامعة من مثل هذا العقل الناضج ظلم مبين، فنصحه يومئذ بأن يصلي الجمعة في الأزهر ليكون في ذلك قطع لألسنة المرجفين، وليستطيع دولته أن يرجعه إلى الجامعة، ويصل من عمله ما انقطع، ولكن الدكتور منصور أبى أن يشهد العلماء له بالإيمان؛ لأن الله على إيمانه شهيد، فشكر لسعد باشا رفقه به، وظل بعيدا عن الجامعة بضع سنين. ثم رجع إليها عالي الرأس في سنة 1921.

Shafi da ba'a sani ba