تولي كذابًا، فوقف الرجل ودخله شك، وهم بتولية إياس؛ فقال: إنك وقفته بين الجنة والنار، فخاف على نفسه ففداها بيمين حارثة، يتوب منها ويستغفر ربه وينجو بها من هول ما أردته عليه؛ فَقَالَ: الرجل: أما إِذ فطنت لهَذَا فأنت أفهم منه، وعزم على توليته.
فحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْن أبي الدنيا؛ قال: حَدَّثَنَا بسام بْن يزيد؛ قال: حَدَّثَنَا حماد بْن سلمة؛ قال: حَدَّثَنَا حميد؛ أن إياس بْن معاوية لما استقضى أتاه الْحَسَن، فبكى إياس؛ فَقَالَ لَهُ الْحَسَن: ما يبكيك؟ قال: يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة؛ رجل اجتهد، فأصاب فهو في الجنة، قَالَ: الْحَسَن: إن فيما قص الله مربيًا داود وسليمان صلى الله عليهما ما يرد قول هؤلاء؛ يقول الله عز من قائل: " وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ [٧٨] فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء:٧٨-٧٩]
فأثنى الله على سليمان، ولم يذم داود؛ ثم قَالَ: الْحَسَن: إن الله ﷿ أخذ على العلماء ثلاثًا؛ لا يشترون به ثمنًا قليلًا، ولا يتبعون فِيْهِ الهوى، ولا يخشون فِيْهِ أحدًا؛ وقرأ هذه الآية: " وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ [٤٣] إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا [المائدة:٤٣-٤٤] .
فأَخْبَرَنَا حماد بْن إسحاق بْن إبراهيم الموصلي، عَن أبيه؛ قال: كان سبب هرب إياس بْن معاوية من القضاء، أن أم القاسم بْن عَبْد الرحمن الهلالي، هي فاطمة بنت أبي صفرة، فتزوج المهلب بْن القاسم بْن عَبْد الرحمن