واضطرب لها المسلمون!، ثم جعل العلج يمرح بين الصفّين، وينادي: "هل من مبارز اثنين بواحد؟ "، فبرز إليه رجل من المسلمين، فتجاولا ساعة، فقتله العلج، وجعل يكرّرا ويحمل: "هل من مبارز ثلاثة بواحد؟ "، فبرز إليه رجل، فقتله العلج، فصاح المشركون، وذلّ المسلمون- وكادت أن تكون كسرة-!.
فقيل للمنصور: "ما لها غير ابن المصحفي " فبعث إليه: فحضر، فقال المنصور: "ألا ترى ما يصنع هذا العلج؟ " قال: "بعيني جميع ما جرى" قال: "فما الحيلة فيه؟ " قال: "وما الذي تريد؟ " قال: "تكفي المسلمين شرّه " قال: "نعم"، ثم قصد إلى رجال يعرفهم، فاستقبله رجل من رجال الثغور ٢ على فرس قد نشزت أوراكها هزالًا- وهو: يحمل قربة ماء بين يديه على الفرس، والرجل في نفسه وحليته: غير متصنّع، فقال له- ابن المصحفي-: "ألا ترى ما يصنع هذا العلج؟ " قال: "قد رأيته!، فماذا ترى فيه؟ " قال: "يزال رأسه الآن" قال: "نعم"، فلبس لأمة ٣ حربه، وبرز إليه، فتجاولا ساعة، فلم ير الناس إلاّ المسلم خارجًا إليهم يركض، ولا يدرون ما هنالك؟، فإذا الرجل: يحمل رأس العلج، فألقى الرأس بين يدي المنصور!، وقال ابن المصحفي له: "عن مثل هذا أخبرتك: بأنه ليس في عسكرك ألف، ولا خمسمائة، ولا مائة، ولا خمسون، ولا عشرون، ولا عشرة" [٣١/أ] فردّ ابن المصحفي إلى منزلته فأكرمه، وأكرم قاتل العلج) ٤ اهـ.