من الأرض بمكان مرتفع، فرأى: جيوش المسلمين- بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن يساره- قد ملؤوا السهل والجبل، فالتفت إلى مقدم العسكر- وهو رجل يعرف: بابن المصحفي- ١ وقال له: كيف ترى هذا العسكر، أيها الوزير؟ "فقال له- ابن المصحفي-: "أرى جمعًا كثيرًا، وجيشًا واسعًا" قال له المنصور: "لا يعجزنا أن يكون في هذا الجيش ألف مقاتل، من أهل الشجاعة والبسالة"، فسكت ابن المصحفي، فقال المنصور: "ما سكوتك؟ أليس في هذا الجيش ألف مقاتل من الأبطال؟ " [٣٠/ب]
قال: "لا"، فتعجب المنصور!، ثم انعطف عليه، فقال: "أليس فيهم خمسمائة رجل؟ " قال: "لا"، قال: "أفيهم مائة رجل؟ " قال: "لا"، قال: "أفيهم خمسون؟ " قال: "لا"، فسبّه المنصور، واستخفّ به، وأمر به فأخرج على أقبح حال!.
فلما توسّطوا بلاد المشركين: اجتمعت الروم، وتصافّ الجمعان، فبرز علج ٢ من الروم- يكر ٣ ويمرّ- وهو ينادي: "هل من مبارز؟ "، فبرز له رجل من المسلمين، فتجاولا ساعة، فقتله العلج، ففرح المشركون، وصاحوا