قال الشافعي رحمه الله وفرض الله تعالى على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم فقال في كتابه
ﵟربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيمﵞ
وقال تعالى
ﵟلقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبينﵞ
وقال تعالى
ﵟواذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمةﵞ
وذكر غيرها من الآيات التي وردت في معناها قال فذكر الله تعالى الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يشبه ما قال والله أعلم بأن القرآن ذكر وأتبعته الحكمة وذكر الله عز وجل منته على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة فلم يجز والله أعلم أن تعد الحكمة هاهنا إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله وأن الله افترض طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتم على الناس اتباع أمره فلا يجوز أن يقال لقول فرض إلا لكتاب الله ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة عن الله ما أراد دليلا على خاصه وعامه ثم قرن الحكمة بكتابه فأتبعها إياه ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الشافعي رحمه الله الآيات التي وردت في فرض الله عز وجل طاعة رسوله منها قوله عز وجل
ﵟيا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكمﵞ
فقال بعض أهل العلم أولو الأمر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا أخبرنا والله أعلم وهو يشبه ما قال والله أعلم أن من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة وكانت تأنف أن تعطى بعضها بعضا طاعة الإمارة فلما دانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمروا أن يطيعوا أولي الأمر الذين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طاعة مطلقة بل طاعة يستثنى فيها لهم وعليهم قال تعالى
ﵟفإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللهﵞ
يعني إن اختلفتم في شيء وهذا إن شاء الله كما قال في أولي الأمر لأنه يقول فإن تنازعتم في شيء يعني والله أعلم هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم فردوه إلى الله والرسول يعني والله أعلم إلى ما قال الله والرسول إن عرفتموه وإن لم تعرفوه سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه إذا وصلتم إليه أو من وصل إليه لأن ذلك الفرض الذي لا منازعة لكم فيه لقول الله عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن تنازع ممن بعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد الأمر إلى قضاء الله ثم إلى قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء نصا فيهما ولا في واحد منهما ردوه قياسا على أحدهما
وقال تعالى
ﵟفلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهمﵞ
قال الشافعي نزلت هذه الآية فيما بلغنا والله أعلم في رجل خاصم الزبير رضي الله عنه في أرض فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بها للزبير رضي الله عنه وهذا القضاء سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حكم منصوص في القرآن وقال عز وجل
ﵟوإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضونﵞ
والآيات بعدها فأعلم الله الناس أن دعاءهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم دعاء إلى حكم الله وإذا سلموا لحكم النبي صلى الله عليه وسلم فإنما سلموا لفرض الله وبسط الكلام فيه
Shafi 30