أحكام القرآن للشافعي
بسم الله الرحمن الرحيم وبه العون
Shafi 1
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين الذي خلق الإنسان من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من ورحه وجعل لهم السمع والأبصار والأفئدة وبعث فيهم الرسل والأئمة مبشرين بالجنة من أطاع الله ومنذرين بالنار من عصى الله وخصنا بالنبي المصطفى والرسول المجتبى أبي القاسم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلى الله عليه وسلم الذين هداهم الله واصطفاهم من بني هاشم والمطلب أرسله بالحق إلى من جعله من أهل التكليف من كافة الخلق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وأنزل معه كتابا عزيزا ونورا مبينا وتبصرة وبيانا وحكمة وبرهانا ورحمة وشفا وموعظة وذكرا فنقل به من أنعم عليه بتوفيقه من الكفر والضلالة إلى الرشد والهداية وبين فيه ما أحل وما حرم وما حمد وما ذم وما يكون عبادة وما يكون معصية نصا أو دلالة ووعد وأوعد وبشر وأنذر ووضع رسوله صلى الله عليه وسلم من دينه موضع الإبانة عنه وحين قبضه الله قيض في أمته جماعة اجتهدوا في معرفة كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حتى رسخوا في العلم وصاروا أئمة يهدون بأمره ويبينون ما يشكل على غيرهم من أحكام القرآن وتفسيره
Shafi 18
وقد صنف غير واحد من المتقدمين والمتأخرين في تفسير القرآن ومعانيه وإعرابه ومبانيه وذكر كل واحد منهم في أحكامه ما بلغه علمه وربما يوافق قوله قولنا وربما يخالفه فرأيت من دلت الدلالة على صحة قوله أبا عبدالله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي ابن عم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله قد أتى على بيان ما يجب علينا معرفته من أحكام القرآن وكان ذلك مفرقا في كتبه المصنفة في الأصول والأحكام فميزته وجمعته في هذه الأجزاء على ترتيب المختصر ليكون طلب ذلك منه على من أراد أيسر واقتصرت في حكاية كلامه على ما يتبين منه المراد دون الإطناب ونقلت من كلامه في أصول الفقه واستشهاده بالآيات التي احتاج إليها من الكتاب على غاية الاختصار ما يليق بهذا الكتاب وأنا أسأل الله البر الرحيم أن ينفعني والناظرين فيه بما أودعته وأن يجزينا جزاء من اقتدينا به فيما نقلته فقد بالغ في الشرح والبيان وأدى النصيحة في التقدير والبيان ونبه على جهة الصواب والبرهان حتى أصبح من اقتدى به على ثقة من دين ربه ويقين من صحة مذهبه والحمد لله الذي شرح صدرنا للرشاد ووفقنا لصحة هذا الإعتقاد وإليه الرغبة عزت قدرته في أن يجري على أيدينا موجب هذا الإعتقاد ومقتضاه ويعيننا على ما فيه إذنه ورضاه وإليه التضرع في أن يتغمدنا برحمته وينجينا من عقوبته إنه الغفور الودود والفعال لما يريد وهو حسبنا ونعم الوكيل
Shafi 19
أنا أبو عبدالله محمد بن عبدالحافظ أنا أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبيدة قال كنا نسمع من يونس بن عبد الأعلى تفسير زيد بن أسلم عن ابن وهب فقال لنا يونس كنت أولا أجالس أصحاب التفسير وأناظر عليه وكان الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شهد التنزيل
أنا أبو عبدالله الحافظ أنا أبو الوليد الفقيه أنا أبو بكر حمدون قال سمعت الربيع يقول قلما كنت أدخل على الشافعي رحمه الله إلا والمصحف بين يديه يتتبع أحكام القرآن
فصل فيما ذكره الشافعي رحمه الله في التحريض على تعلم أحكام القرآن
Shafi 20
أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ رحمه الله أنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي رحمه الله في ذكر نعمة الله علينا برسوله صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه من كتابه فقال
ﵟوإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميدﵞ
فنقلهم به من الكفر والعمى إلى الضياء والهدى وبين فيه ما أحل لنا بالتوسعة على خلقه وما حرم لما هو أعلم به من حظهم على الكف عنه في الآخرة والأولى وابتلى طاعتهم بأن تعبدهم بقول وعمل وإمساك عن محارم وحما هموها وأثابهم على طاعته من الخلود في جنته والنجاة من نقمته ما عظمت به نعمته جل ثناؤه وأعلمهم ما أوجب على أهل معصيته من خلاف ما أوجب لأهل طاعته ووعظهم بالإخبار عمن كان قبلهم ممن كان أكثر منهم أموالا وأولادا وأطول أعمارا وأحمد آثارا فاستمتعوا بخلاقهم في حياة دنياهم فأذاقهم عند نزول قضائه مناياهم دون آمالهم ونزلت بهم عقوبته عند انقضاء آجالهم ليعتبروا في آنف الأوان ويتفهموا بجلية التبيان وينتبهوا قبل رين الغفلة ويعملوا قبل انقطاع المدة حين لا يعتب مذنب ولا تؤخذ فدية وتجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا
وكان مما أنزل في كتابه جل ثناؤه رحمة وحجة علمه من علمه وجهله من جهله
قال والناس في العلم طبقات موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصا واستنباطا والرغبة إلى الله في العون عليه فإنه لا يدرك خير إلا بعونه فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا ووفقه الله للقول والعمل لما علم منه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه وانتفت عنه الريب ونورت في قلبه الحكمة واستوجب في الدين موضع الإمامة فنسأل الله المبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها المديم بها علينا مع تقصيرنا في الإتيان على ما أوجب من شكره لها الجاعلنا في خير أمة أخرجت للناس أن يرزقنا فهما في كتابه ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقولا وعملا يؤدي به عنا حقه ويوجب لنا نافلة مزيده فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبل الهدى فيها قال الله عز وجل
ﵟالر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميدﵞ
وقال تعالى
ﵟونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمينﵞ
وقال تعالى
ﵟوأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرونﵞ
Shafi 21
قال الشافعي رحمه الله ومن جماع كتاب الله عز وجل العلم بأن جميع كتاب الله إنما نزل بلسان العرب والمعرفة بناسخ كتاب الله ومنسوخه والفرض في تنزيله والأدب والإرشاد والإباحة والمعرفة بالوضع الذي وضع الله نبيه صلى الله عليه وسلم وما أراد بجميع فرائضه أأراد كل خلقه أم بعضهم دون بعض وما افترض على الناس من طاعته والانتهاء إلى أمره ثم معرفة ما ضرب فيها من الأمثال الدوال على طاعته المبينة لاجتناب معصيته وترك الغفلة عن الحظ والازدياد من نوافل الفضل فالواجب على العالمين ألا يقولوا إلا من حيث علموا
ثم ساق الكلام إلى أن قال والقرآن يدل على أن ليس في كتاب الله شيء إلا بلسان العرب قال الله عز وجل
ﵟوإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبينﵞ
وقال الله عز وجل
ﵟوكذلك أنزلناه حكما عربياﵞ
وقال تعالى
ﵟوكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولهاﵞ
فأقام حجته بأن كتابه عربي ثم أكد ذلك بأن نفى عنه كل لسان غير لسان العرب في آيتين من كتابه فقال تبارك وتعالى
ﵟولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبينﵞ
وقال تعالى ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته إعجمي وعربي
Shafi 22
وقال ولعل من قال إن في القرآن غير لسان العرب ذهب إلى أن شيئا من القرآن خاصا يجهله بعض العرب ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا ولا يحيظ بجميع علمه إنسان غير نبي ولكنه لا يذهب منه شيء على عامة أهل العلم كالعلم بالسنة عند أهل الفقه لا نعلم رجلا جمعها فلم يذهب منها شيء عليه فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن والذي ينطق العجم بالشيء من لسان العرب فلا ينكر إذا كان اللفظ قيل تعلما أو نطق به موضوعا أن يوافق لسان العجم أو بعضه قليل من لسان العرب فبسط الكلام فيه
فصل في معرفة العموم والخصوص
Shafi 23
أنا أبو عبدالله الحافظ أنا أبو العباس أنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى
ﵟخالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيلﵞ
وقال تعالى
ﵟخلق السماوات والأرضﵞ
وقال تعالى
ﵟوما من دابة في الأرض إلا على الله رزقهاﵞ
فهذا عام لا خاص فيه فكل شيء من سماء وأرض وذي روح وشجر وغير ذلك فالله خالقه وكل دابة فعلى الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها وقال عز وجل
ﵟإنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكمﵞ
وقال تعالى
ﵟكتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدوداتﵞ
ﵟفمن شهد منكم الشهر فليصمهﵞ
وقال تعالى
ﵟإن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاﵞ
قال الشافعي فبين في كتاب الله أن في هاتين الآيتين العموم والخصوص فأما العموم منها ففي قوله عز وجل
ﵟإنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفواﵞ
فكل نفس خوطب بهذا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله وبعده مخلوقة من ذكر وأنثى وكلها شعوب وقبائل
والخاص منها في قوله عز وجل
ﵟإن أكرمكم عند الله أتقاكمﵞ
لأن التقوى إنما تكون على من عقلها وكان من أهلها من البالغين من بني آدم دون المخلوقين من الدواب سواهم ودون المغلوب على عقولهم منهم والأطفال الذين لم يبلغوا عقل التقوى منهم فلا يجوز أن يوصف بالتقوى وخلافها إلا من عقلها وكان من أهلها أو خالفها فكان من غير أهلها
Shafi 24
وفي السنة دلالة عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
رفع القلم عن ثلاثة النائم حتى يستيقظ والصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق
قال الشافعي رحمه الله وهكذا التنزيل في الصوم والصلاة على البالغين العاقلين دون من لم يبلغ ممن غلب على عقله ودون الحيض في أيام حيضهن
قال الشافعي رحمه الله قال الله تعالى
ﵟالذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيلﵞ
قال الشافعي رحمه الله فإذا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس غير من جمع لهم من الناس وكان المخبرون لهم ناس غير من جمع لهم وغير من معه ممن جمع عليه معه وكان الجامعون لهم ناسا فالدلالة بينة لما وصفت من أنه إنما جمع لهم بعض الناس دون بعض والعلم يحيط أن لم يجمع لهم الناس كلهم ولم يخبرهم الناس كلهم ولم يكونوا هم الناس كلهم ولكنه لما كان اسم الناس يقع على ثلاثة نفر وعلى جميع الناس وعلى من بين جميعهم وثلاثة منهم كان صحيحا في لسان العرب أن يقال قال لهم الناس قال وإنما كان الذين قالوا لهم ذلك أربعة نفر إن الناس قد جمعوا لكم يعنون المنصرفين من أحد وإنما هم جماعة غير كثيرين من الناس جامعون منهم غير المجموع لهم والمخبرون للمجموع لهم غير الطائفتين والأكثرون من الناس في بلدانهم غير الجامعين والمجموع لهم ولا المخب
وقال الله عز وجل
ﵟوقودها الناس والحجارةﵞ
فدل كتاب الله عز وجل على أنه إنما وقودها بعض الناس لقوله عز وجل
ﵟإن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدونﵞ
Shafi 25
قال الشافعي رحمه الله قال الله عز وجل
ﵟولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولدﵞ
وذكر سائر الآيات ثم قال فأبان أن للوالدين والأزواج مما سمى في الحالات وكان عام المخرج فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه إنما أريد بها بعض الوالدين والأزواج دون بعض وذلك أن يكون دين الوالدين والمولود والزوجين واحدا ولا يكون الوارث منهما قاتلا ولا مملوكا وقال تعالى
ﵟمن بعد وصية يوصي بها أو دينﵞ
فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوصايا يقتصر بها على الثلث ولأهل الميراث الثلثان وأبان أن الدين قبل الوصايا والميراث وأن لا وصية ولا ميراث حتى يستوفي أهل الدين دينهم ولولا دلالة السنة ثم إجماع الناس لم يكن ميراث إلا بعد وصية أو دين ولم تعدو الوصية أن تكون مقدمة على الدين أو تكون والدين سواء
وذكر الشافعي رحمه الله في أمثال هذه الآية آية الوضوء وورود السنة بالمسح على الخفين وآية السرقة وورود السنة بأن لا قطع في ثمر ولا كثر لكونهما غير محرزين وأن لا يقطع إلا من بلغت سرقته ربع دينار وآية الجلد في الزاني والزانية وبيان السنة بأن المراد بها البكران دون الثيبين وآية سهم ذي القربى وبيان السنة بأنه لبني هاشم وبني عبدالمطلب دون سائر القربى وآية الغنيمة وبيان السنة بأن السلب منها للقاتل وكل ذلك تخصيص للكتاب بالسنة ولولا الاستدلال بالسنة كان الطهر في القدمين وإن كان لابسا للخفين وقطعنا كل من لزمه اسم سارق وضربنا مائة كل من زنى وإن كان ثيبا وأعطينا سهم ذي القربى من بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم قرابة وخمسنا السلب لأنه من الغنيمة
فصل في فرض الله عز وجل في كتابه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
Shafi 27
أنا أبو عبدالله الحافظ أنا أبو العباس أنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله تعالى وضع الله جل ثناؤه رسوله صلى الله عليه وسلم من دينه وفرضه وكتابه الموضع الذي أبان جل ثناؤه أنه جعله علما لدينه بما افترض من طاعته وحرم من معصيته وأبان فضيلته بما قرر من الإيمان برسوله مع الإيمان به فقال تبارك وتعالى
ﵟآمنوا بالله ورسولهﵞ
وقال تعالى
ﵟإنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوهﵞ
فجعل دليل ابتداء الإيمان الذي ما سواه تبع له الإيمان بالله ثم برسوله صلى الله عليه وسلم فلو آمن به عبد ولم يؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبدا حتى يؤمن برسوله عليه السلام معه
Shafi 28
قال الشافعي رحمه الله وفرض الله تعالى على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم فقال في كتابه
ﵟربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيمﵞ
وقال تعالى
ﵟلقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبينﵞ
وقال تعالى
ﵟواذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمةﵞ
وذكر غيرها من الآيات التي وردت في معناها قال فذكر الله تعالى الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يشبه ما قال والله أعلم بأن القرآن ذكر وأتبعته الحكمة وذكر الله عز وجل منته على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة فلم يجز والله أعلم أن تعد الحكمة هاهنا إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله وأن الله افترض طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتم على الناس اتباع أمره فلا يجوز أن يقال لقول فرض إلا لكتاب الله ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة عن الله ما أراد دليلا على خاصه وعامه ثم قرن الحكمة بكتابه فأتبعها إياه ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الشافعي رحمه الله الآيات التي وردت في فرض الله عز وجل طاعة رسوله منها قوله عز وجل
ﵟيا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكمﵞ
فقال بعض أهل العلم أولو الأمر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا أخبرنا والله أعلم وهو يشبه ما قال والله أعلم أن من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة وكانت تأنف أن تعطى بعضها بعضا طاعة الإمارة فلما دانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمروا أن يطيعوا أولي الأمر الذين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طاعة مطلقة بل طاعة يستثنى فيها لهم وعليهم قال تعالى
ﵟفإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللهﵞ
يعني إن اختلفتم في شيء وهذا إن شاء الله كما قال في أولي الأمر لأنه يقول فإن تنازعتم في شيء يعني والله أعلم هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم فردوه إلى الله والرسول يعني والله أعلم إلى ما قال الله والرسول إن عرفتموه وإن لم تعرفوه سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه إذا وصلتم إليه أو من وصل إليه لأن ذلك الفرض الذي لا منازعة لكم فيه لقول الله عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن تنازع ممن بعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد الأمر إلى قضاء الله ثم إلى قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء نصا فيهما ولا في واحد منهما ردوه قياسا على أحدهما
وقال تعالى
ﵟفلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهمﵞ
قال الشافعي نزلت هذه الآية فيما بلغنا والله أعلم في رجل خاصم الزبير رضي الله عنه في أرض فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بها للزبير رضي الله عنه وهذا القضاء سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حكم منصوص في القرآن وقال عز وجل
ﵟوإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضونﵞ
والآيات بعدها فأعلم الله الناس أن دعاءهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم دعاء إلى حكم الله وإذا سلموا لحكم النبي صلى الله عليه وسلم فإنما سلموا لفرض الله وبسط الكلام فيه
Shafi 30
قال الشافعي رضي الله عنه وشهد له جل ثناؤه باستمساكه بأمره به والهدى في نفسه وهداية من اتبعه فقال
ﵟوكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمورﵞ
وذكر معها غيرها ثم قال في شهادته له إنه يهدي إلى صراط مستقيم صراط الله وفيما وصفت من فرض طاعته ما أقام الله به الحجة على خلقة بالتسليم لحكم رسوله واتباع أمره فما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس لله فيه حكم فحكم الله سنته ثم ذكر الشافعي رحمه الله الاستدلال بسنته على الناسخ والمنسوخ من كتاب الله ثم ذكر الفرائض المنصوصة التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم معها ثم ذكر الفرائض الجمل التي أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه كيف هي ومواقيتها ثم ذكر العام من أمر الله الذي أراد به العام والعام الذي أراد به الخاص ثم ذكر سنته فيما ليس فيه نص كتاب وإيراد جميع ذلك هاهنا مما يطول به الكتاب وفيما ذكرناه إشارة إلى مالم نذكره
فصل في تثبيت خبر الواحد من الكتاب
Shafi 31
أنا أبو عبدالله الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله وفي كتاب الله عز وجل دلالة على ما وصفت قال الله عز وجل
ﵟإنا أرسلنا نوحا إلى قومهﵞ
وقال تعالى
ﵟولقد أرسلنا نوحا إلى قومهﵞ
وقال عز وجل
ﵟوأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيلﵞ
وقال تعالى
ﵟوإلى عاد أخاهم هوداﵞ
وقال تعالى
ﵟوإلى ثمود أخاهم صالحاﵞ
وقال تعالى
ﵟوإلى مدين أخاهم شعيباﵞ
وقال جل وعز كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وقال تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل
قال الشافعي فأقام جل ثناؤه حجته على خلقه في أنبيائه بالأعلام التي باينوا بها خلقه سواهم وكانت الحجة على من شاهد أمور الأنبياء دلائلهم التي باينوا بها غيرهم وعلى من بعدهم وكان الواحد في ذلك وأكثر منه سواء تقوم الحجة بالواحد منهم قيامها بالأكثر قال تعالى
ﵟواضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلونﵞ
إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون قال فظاهر الحجة عليهم باثنين ثم ثالث وكذا أقام الحجة على الأمم بواحد وليس الزيادة في التأكيد مانعة من أن تقوم الحجة بالواحد إذا أعطاه الله ما يباين به الخلق غير النبيين واحتج الشافعي بالآيات التي وردت في ا لقرآن في فرض الله طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن بعده إلى يوم القيامة واحدا واحدا في أن على كل واحد طاعته ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم إلا بالخبر عنه وبسط الكلام فيه
Shafi 32
فصل في النسخ
Shafi 33
أنا أبو عبدالله الحافظ أنا أبو العباس أنا ا لربيع قال قال الشافعي رحمه الله إن الله خلق الناس لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب وأنزل الكتاب عليهم تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين وفرض فيه فرائض أثبتها وأخرى نسخها رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم وبالتوسعة عليهم زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة من عذابه فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ فله الحمد على نعمه وأبان الله لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب وأن السنة لا ناسخة للكتاب وإنما هي تبع للكتاب بمثل ما نزل نصا ومفسرة معنى ما أنزل الله منه جملا قال الله تعالى
ﵟوإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيمﵞ
فأخبر الله عز وجل أنه فرض على نبيه اتباع ما يوحى إليه ولم يجعل له تبديله من تلقاء نفسه وفي قوله
ﵟما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسيﵞ
بيان ما وصفت من أنه لا ينسخ كتاب الله إلا كتابه كما كان المبتدئ لفرضه فهو المزيل المثبت لما شاء منه جل ثناؤه ولا يكون ذلك لأحد من خلقه لذلك قال
ﵟيمحو الله ما يشاء ويثبتﵞ
قيل يمحو فرض ما يشاء ويثبت فرض ما يشاء وهذا يشبه ما قيل والله أعلم وفي كتاب الله دلالة عليه قال الله عز وجل ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها فأخبر الله عز وجل أن نسخ القرآن وتأخير إنزاله لا يكون إلا بقرآن مثله وقال
ﵟوإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفترﵞ
وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسخها إلا سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط الكلام فيه
قال الشافعي وقد قال بعض أهل العلم في قوله تعالى قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي والله أعلم دلالة على أن الله تعالى جعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم ينزل به كتابا والله أعلم
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ نا أبو العباس هو الأصم أنا الربيع أن الشافعي رحمه الله قال قال الله تبارك وتعالى في الصلاة
ﵟإن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاﵞ
فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل تلك المواقيت وصلى الصلوات لوقتها فحوصر يوم الأحزاب فلم يقدر على الصلاة في وقتها فأخرها للعذر حتى صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء في مقام واحد
Shafi 34
قال الشافعي رحمه الله أنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حتى كفينا وذلك قول الله عز وجل
ﵟوكفى الله المؤمنين القتالﵞ
قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها هكذا ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا وذلك قبل أن يقول الله في صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا قال الشافعي رحمه الله فبين أبو سعيد أن ذلك قبل أن ينزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم الآية التي ذكرت فيها صلاة الخوف وهي قول الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وقال تعالى
ﵟوإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معكﵞ
وذكر الشافعي رحمه الله حديث صالح بن خوات عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف يوم ذات الرقاع ثم قال وفي هذا دلالة على ما وصفت من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سن سنة فأحدث الله في تلك السنة نسخها أو مخرجا إلى سعة منها سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تقوم الحجة على الناس بها حتى يكونوا إنما صاروا من سنته إلى سنته التي بعدها قال فنسخ الله تأخير الصلاة عن وقتها في الخوف إلى أن يصلوها كما أمر الله في وقتها ونسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته في تأخيرها بفرض الله في كتابه ثم بسنته فصلاها في وقتها كما وصفنا
Shafi 35
قال الشافعي رحمه الله أنا مالك عن نافع عن ابن عمر أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر صلاة الخوف فقال إن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وصفت من أن القبلة في المكتوبة على فرضها أبدا إلا في الموضع الذي لا يمكن فيه الصلاة إليها وذلك عند المسايفة والهرب وما كان في المعنى الذي لا يمكن فيه الصلاة إليها وبينت السنة في هذا أن لا تترك الصلاة في وقتها كيف ما أمكنت المصلي
فصل ذكره الشافعي رحمه الله في إبطال الاستحسان واستشهد فيه بآيات من
القرآن
Shafi 36
أنا أبو سعيد بن أبي عمرو أنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي رحمه الله قال حكم الله ثم حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حكم المسلمين دليل على أن لا يجوز لمن استأهل أن يكون حاكما أو مفتيا أن يحكم ولا أن يفتي إلا من جهة خبر لازم وذلك الكتاب ثم السنة أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه أو قياس على بعض هذا ولا يجوز له أن يحكم ولا يفتي بالاستحسان إذ لم يكن الاستحسان واجبا ولا في واحد من هذه المعاني وذكر فيما احتج به قول الله عز وجل
ﵟأيحسب الإنسان أن يترك سدىﵞ
قال فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علمت أن السدى الذي لا يؤمر ولا ينهى ومن أفتى أو حكم بما لم يؤمر به قد اختار لنفسه أن يكون في معاني السدى وقد أعلمه عز وجل أنه لم يترك سدى ورأى أن قال أقول ما شئت وادعى ما نزل القرآن بخلافه قال الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم اتبع ما أوحي إليك من ربك وقال تعالى وأن احكم بينهما بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ثم جاءه قوم فسألوه عن أصحاب الكهف وغيرهم فقال أعلمكم غدا يعني أسأل جبريل عليه السلام ثم أعلمكم فأنزل الله عز وجل
ﵟولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء اللهﵞ
وجاءته امرأة أوس بن الصامت تشكو إليه أوسا فلم يجبها حتى نزل عليه
ﵟقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجهاﵞ
وجاءه العجلاني يقذف امرأته فقال لم ينزل فيكما وانتظر الوحي فلما أنزل الله عز وجل عليه دعاهما ولاعن بينهما كما أمر الله عز وجل وبسط الكلام في الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول في رد الحكم بما استحسنه الإنسان دون القياس على الكتاب والسنة والإجماع
فصل فيما يؤثر عنه من التفسير والمعاني في آيات متفرقة
Shafi 37
أنا أبو سعيد أنا أبو العباس أنا ا لربيع أنا الشافعي قال قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ثم أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يعني والله أعلم ما تقدم من ذنبه قبل الوحي وما تأخر أن يعصمه فلا يذنب يعلم الله ما يفعل به من رضاه عنه وأنه أول شافع وأول مشفع يوم القيامة وسيد الخلائق
وسمعت أبا عبدالله محمد بن إبراهيم بن عبدان الكرماني يقول سمعت أبا الحسن محمد بن أبي إسماعيل العلوي ببخاراء يقول سمعت أحمد بن محمد بن حسان المصري بمكة يقول سمعت المزني يقول سئل الشافعي عن قول الله عز وجل إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال معناه ما تقدم من ذنب أبيك آدم وهبته لك وما تأخر من ذنوب أمتك أدخلهم الجنة بشفاعتك
قال الشيخ رحمه الله وهذا قول مستظرف والذي وضعه الشافعي في تصنيفه أصح الروايتين وأشبه بظاهر الرواية والله أعلم
أنا أبو عبدالله الحافظ قال سمعت أبا بكر أحمد بن محمد المتكلم يقول سمعت جعفر بن أحمد الساماقي يقول سمعت عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحكم يقول سألت الشافعي أي آية أرجي قال قوله تعالى
ﵟيتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربةﵞ
أنا محمد بن عبدالله الحافظ أخبرني أبوبكر أحمد بن محمد بن يحيى المتكلم أنا إسحاق بن إبراهيم البستي حدثني إبراهيم بن حرب البغدادي أن الشافعي رحمه الله سئل بمكة في الطواف عن قول الله عز وجل إن تعذبهم فإنهم عبادك قال
ﵟإن تعذبهم فإنهم عبادكﵞ
وإن تغفر لهم وتؤخر في آجالهم فتمن عليهم بالتوبة والمغفرة
Shafi 38