Hukuncin Alkur'ani
أحكام القرآن
Bincike
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Mai Buga Littafi
دار إحياء التراث العربي
Inda aka buga
بيروت
سِحْرِهِ تَعْظِيمَ الْكَوَاكِبِ وَاعْتِقَادَهَا آلِهَةً وَأَمَّا الْفَرِيقُ الثَّانِي فَلِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَرِفَةً بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ ﷺ فَإِنَّهَا حَيْثُ أَجَازَتْ أَنْ تُخْبِرَهَا الْجِنُّ بِالْغُيُوبِ وَتَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ فُنُونِ الْحَيَوَانِ وَالطَّيَرَانِ فِي الْهَوَاءِ وَالْمَشْيِ عَلَى الْمَاءِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ فَقَدْ جَوَّزَتْ وُجُودَ مِثْلِ أَعْلَامِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ مَعَ الْكَذَّابِينَ الْمُتَخَرِّصَيْنِ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِدْقَ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ لِتَجْوِيزِهِ كَوْنَ مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْلَامِ مَعَ غَيْرِهِمْ فَلَا يَأْمَنُ من أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدِهِ مُتَخَرِّصًا كَذَّابًا فَإِنَّمَا كُفْرُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ جَهْلُهُ بِصِدْقِ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ وَالْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ الَّذِي رَأَتْ الصَّحَابَةُ قَتْلَهُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ مِنْهُمْ عَنْ حَالِهِ وَلَا بَيَانٍ لِمَعَانِي سِحْرِهِ أَنَّهُ السَّاحِرُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى [يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ] وَهُوَ السَّاحِرُ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ عِنْدَ ذِكْرِنَا ضُرُوبَ السِّحْرِ وَهُوَ سِحْرُ أَهْلِ بَابِلَ فِي الْقَدِيمِ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَغْلَبَ الْأَعَمَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَنْ يَتَعَاطَى سَائِرَ ضُرُوبِ السَّحَر الَّذِي ذَكَرْنَا وَكَانُوا يَجْرُونَ فِي دَعْوَاهُمْ الْإِخْبَارَ بِالْغُيُوبِ وَتَغْيِيرِ صُوَرِ الْحَيَوَانِ عَلَى مِنْهَاجِ سَحَرَةِ بَابِلَ وَكَذَلِكَ كُهَّانُ الْعَرَبِ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ اسْمُ الْكُفْرِ لِظُهُورِ هَذِهِ الدَّعَاوَى مِنْهُمْ وَتَجْوِيزِهِمْ مُضَاهَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي مُعْجِزَاتِهِمْ وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مَعْنَى السِّحْرِ عِنْدَ السَّلَفِ فَإِنَّهُ لَمْ يُحْكَ عَنْ أَحَدٍ إيجَابُ قَتْلِ السَّاحِرِ مِنْ طَرِيقِ الْجِنَايَةِ عَلَى النُّفُوسِ بَلْ إيجَابُ قَتْلِهِ بِاعْتِقَادِهِ عَمَلَ السِّحْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ مِنْهُمْ لِجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ الْمُشَعْوِذُونَ وَأَصْحَابُ الْحَرَكَاتِ وَالْخِفَّةِ بِالْأَيْدِي وَمَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ بِسَقْيِ الْأَدْوِيَةِ الْمُبَلِّدَةِ لِلْعَقْلِ أَوْ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ وَمَنْ يَتَعَاطَى ذَلِكَ بِطَرِيقِ السَّعْيِ بِالنَّمَائِمِ وَالْوِشَايَةِ وَالتَّضْرِيبِ وَالْإِفْسَادِ فَإِنَّهُمْ إذَا اعْتَرَفُوا بِأَنَّ ذَلِكَ حِيَلٌ وَمَخَارِيقُ حُكْمُ مَنْ يَتَعَاطَى مِثْلَهَا مِنْ النَّاس لَمْ يَكُنْ كَافِرًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّبَ وَيُزْجَرَ عَنْ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ السَّاحِرَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ مُسْتَحِقٌّ لِاسْمِ الكفر قوله تعالى [وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ] أَيْ عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ المفسرين وقوله تتلوا مَعْنَاهُ تُخْبِرُ وَتَقْرَأُ ثُمَّ قَوْله تَعَالَى [وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَادَّعَتْهُ مِنْ السِّحْرِ عَلَى سُلَيْمَانَ كَانَ كُفْرًا فَنَفَاهُ اللَّهُ عَنْ سُلَيْمَانَ وَحَكَمَ بِكُفْرِ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ تَعَاطَوْهُ وَعَمِلُوهُ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى [وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ
1 / 64