61

Hukuncin Alkur'ani

أحكام القرآن

Bincike

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Mai Buga Littafi

دار إحياء التراث العربي

Inda aka buga

بيروت

لِنَقْضِ الْعَهْدِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا قَالَ السَّاحِرُ أَنَا أَعْمَلُ عَمَلًا لِأَقْتُلَ فَأُخْطِئُ وَأُصِيبُ وَقَدْ مَاتَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ عَمَلِي فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ قَالَ عَمَلِي يَقْتُلُ الْمَعْمُولَ بِهِ وَقَدْ تَعَمَّدْت قَتْلَهُ قُتِلَ بِهِ قَوَدًا وَإِنْ قَالَ مرض منه ولم يمت أقسم أوليائه لَمَاتَ مِنْهُ ثُمَّ تَكُونُ الدِّيَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَجْعَلْ الشَّافِعِيُّ السَّاحِرَ كَافِرًا بِسِحْرِهِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ جَانِيًا كَسَائِرِ الْجُنَاةِ وَمَا قَدَّمْنَا مِنْ قَوْلِ السَّلَفِ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ بِاسْتِحْقَاقِ سِمَةِ السِّحْرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْهُ كَافِرًا وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ خارج عن قول جميعهم يَعْتَبِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَتْلَهُ لِغَيْرِهِ بِعَمَلِهِ السِّحْرَ فِي إيجَابِ قَتْلِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ مَعَانِي السِّحْرِ وَضُرُوبَهُ وَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ سِحْرِ أَهْلِ بَابِلَ فِي الْقَدِيمِ وَمَذَاهِبِ الصَّابِئِينَ فِيهِ وَهُوَ الذي ذكر اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ [وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ] فِيمَا يُرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنَّ الْقَائِلَ بِهِ وَالْمُصَدِّقَ بِهِ وَالْعَامِلَ بِهِ كَافِرٌ وَهُوَ الَّذِي قَالَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عِنْدِي إنَّهُ لَا يُسْتَتَابُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ هَذَا الضَّرْبُ مِنْ السِّحْرِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا نظير قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ هُوَ السِّحْرُ الَّذِي نَسَبَهُ عَامِلُوهُ إلَى النُّجُومِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ سِحْرِ أَهْلِ بَابِل وَالصَّابِئِينَ لِأَنَّ سَائِرَ ضُرُوبِ السِّحْرِ الَّذِي ذَكَرْنَا لَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالنُّجُومِ عِنْدَ أَصْحَابِهَا وَالثَّانِي أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ السِّحْرِ الْمَذْمُومِ يَتَنَاوَلُ هَذَا الضرب منه وهذا يدل على أن التعارف عِنْدَ السَّلَفِ مِنْ السِّحْرِ هُوَ هَذَا الضَّرْبُ مِنْهُ وَمِمَّا يَدَّعِي فِيهِ أَصْحَابُهَا الْمُعْجِزَاتِ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقُوا ذَلِكَ بِفِعْلِ النُّجُومِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِقَتْلِ فَاعِلِهِ إذْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِيهِ بَيْنَ عَامِلِ السِّحْرِ بِالْأَدْوِيَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالسِّعَايَةِ وَالشَّعْوَذَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَمَعْلُومٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنَّ هَذِهِ الضُّرُوبَ مِنْ السَّحَرِ لَا تُوجِبُ قَتْلَ فَاعِلهَا إذَا لَمْ يَدَّعِ فِيهِ مُعْجِزَةً لَا يُمْكِنُ الْعِبَادَ فِعْلُهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إيجَابَهُمْ قَتْلَ السَّاحِرِ إنَّمَا كَانَ لِمَنْ ادَّعَى بِسِحْرِهِ مُعْجِزَاتٍ لَا يَجُوزُ وُجُودُ مِثْلِهَا إلَّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ﵈ دَلَالَةً عَلَى صِدْقِهِمْ وَذَلِكَ يَنْقَسِمُ إلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ مِنْ سِحْرِ أَهْلِ بَابِل وَالْآخَرُ مَا يَدَّعِيهِ الْمُعَزِّمُونَ وَأَصْحَابُ النيرنجيات مِنْ خِدْمَةِ الشَّيَاطِينِ لَهُمْ وَالْفَرِيقَانِ جَمِيعًا كَافِرَانِ أَمَّا الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِي

1 / 63