Ahkam al-Quran by Bakr bin Alaa - Theses
أحكام القرآن لبكر بن العلاء - رسائل جامعية
Editsa
رسالتا دكتوراة بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
Nau'ikan
وقد كان مالك ﵁ يستحب ما روى عن أنس لمن قوي عليه من غير أن يوجبه، وقال: ومن أطعم فإنما يطعم عن كل يوم مدًا بمد النبي ﷺ (^١)، وهذا القول منه على الاحتياط لما جاء من التفسير (^٢)، فالشيخ ليس ممن يدخل في قوله: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (^٣) إذ كان لا يُتوقع له القوة على الصيام كما يُتوقع للحبلى والمرضع، وأما قراءة من قرأ (يطوقونه) فإن هذه القراءة ليست في مصحفنا المجتمع عليه (^٤)، والذي يبطل ذلك قوله *: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (^٥) فكيف يقال لمن لا يطيق: وأن تصومه خير لك؟ (^٦)
(^١) الموطأ: ١/ ٢٥٤ كتاب الصيام رقم: ٥١.
(^٢) أي ما جاء عن بعض الصحابة من وجوب الإطعام أخذًا من هذه الآية.
(^٣) [سورة البقرة: الآية ١٨٤]
(^٤) قال أبو عبيد: بعد ذكر أن ذكر معنى قراءة ابن عباس (يطوقونه) قال: وهو قول حسن، لكن الناس ليسوا عليه؛ لأن الذي ثبت بين اللوحين في مصاحف أهل الحجاز والعراق والشام وغيرهم أنها: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾.
[الناسخ والمنسوخ: ٤٧، وانظر تفسير ابن جرير: ٢/ ١٤١، والمحلى لابن حزم: ٦/ ٢٦٦].
* لوحة: ١٦/ب.
(^٥) [سورة البقرة: الآية ١٨٤]
(^٦) ذكر المؤلف في هذه الآية مسألتين الأولى: حكم الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام.
أجمع أهل العلم على أن الشيخ الكبير والعجوز العاجزين عن الصوم أن لهما أن يفطرا. [الإجماع لابن المنذر: ٦٠].
واختلفوا هل يجب عليه إطعام أو لا؟ على قولين:
الأول: أنه يجب عليه الإطعام، وهذا قول علي، وابن عباس، وأنس، وأبي حنيفة، وأحمد، والشافعي في الصحيح عنه، والثوري، والأوزاعي، واستدلوا بمارواه البخاري ابن عباس في قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ بأنه قال: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لايستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا. [سبق تخريجه في قراءة يطوقونه]، واستدلوا أيضًا بأن الأداء صوم واجب، فجاز أن يسقط إلى الكفارة كالقضاء.
القول الثاني: لايجب عليه شيء، وبه قال مالك، وربيعة، وقول عند الشافعية، وابن حزم، وقالوا: بأنه ترك الصوم لعجزه، فلم تجب الفدية، كما لو تركه لمرض اتصل به الموت، وكان مالك لا يرى ذلك واجبًا، وقال: أحب إلي أن يفعله إذا كان قويًا عليه. [انظر في هذه المسألة: المدونه: ١/ ٢٧٩، وأحكام القرآن للجصاص: ١/ ٢٤٩، والمحلى: ٦/ ٢٦٥، والاستذكار: ١٠/ ٢١٢، والمغني: ٤/ ٣٩٥، والجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٢٨٩، وروضة الطالبين للنووي: ٢/ ٣٨٢]
قال الشيخ محمد العثيمين ﵀: والحقيقة أنه بالنظر إلى الآية ليس فيها دلالة على مافسره ابن عباس ﵄؛ لأن الآية في الذين يطيقون الصوم، وهذا واضح أنهم قادرون على الصوم، وهم مخيرون بين الصوم والفدية، وهذا أول ما نزل وجوب الصوم، كان الناس مخيرين إن شاؤا صاموا، وإن شاؤا أفطروا وأطعموا، وهذا ما ثبت في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع ﵁، لكن غور ابن عباس ﵄ يدل على عمق فقهه؛ لأن وجه الدلالة من الآية أن الله جعل الفدية عديلًا للصوم لمن قدر، فإذا لم يقدر بقي عديله وهو الفدية، وهذا في الحقيقة يدل على غور فقهه ﵁، وإلا فالإنسان إذا قرأ هذه الآية فليس فيها تعرض لمن لايطيق، بل فيها لمن يطيق، هذا وجه الدلالة، فصار العاجز عجزًا لايرجى زواله الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكينًا. [انظر الشرح الممتع على زاد المستقنع: ٦/ ٣٣٤]. =
1 / 370