40

وديوان شعره مشهور، وقد صنف كتابا في معاني القرآن الكريم، وصنف كتابا آخر في مجازاته. وكانت ولادته سنة 359 ببغداد، وتوفي سنة 406. ويقال إنه جمع كتاب «نهج البلاغة» من مختار كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه.

وقال الإمام الذهبي في «ميزان الاعتدال»:

من طالع كتاب نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي، رضي الله تعالى عنه، فإن فيه السب الصريح والحط على السيدين أبي بكر وعمر، رضي الله تعالى عنهما. ا.ه. (44) ابن سيناء (370-428ه)

هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سيناء البخاري المشهور بالشيخ الرئيس، كان من أشهر الحكماء والأطباء، فهو أبقراط الطب، وأرسطو الحكمة عند العرب والإفرنج، وقد جمع في فسيح صدره كتابات أرسطو وأوعى في خزانة معارفه حكمه وقواعده، وقد نقل الإفرنج عنه أكثر ما عندهم من كتابات جالينوس وأبقراط، ونشروا أشهر تآليفه في اللغة العربية، وترجموا أكثرها إلى لغاتهم، وكان هو المعول عليه شرقا وغربا في قواعد الحكمة والطب، وقد اعترف له الجميع بالفضل فافتخر به الشرق وأخذ عنه ومدحه الغرب وانتفع بتصانيفه.

وكان والده من أهل بلخ وانتقل إلى بخارى، وكان من العمال الكفاة. واشتغل ابن سيناء بالعلوم والفنون، ثم توجه نحوهم الحكيم أبو عبد الله الناتلي، فأنزله عنده، وابتدأ يقرأ عليه كتاب إيساغوجى، وأحكم عليه علم المنطق حتى برع، ويقال إنه فاقه كثيرا حتى أوضح له رموزا وفهمه إشكالات. ثم اشتغل بعد ذلك بالعلوم الطبيعية والإلهية، وفتح الله عليه أبواب العلوم، ثم رغب بعد ذلك في علم الطب، فتعلم حتى فاق فيه الأوائل والأواخر وأصبح عديم القرين ترد إليه الناس لتتعلم منه أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة، ويقال إن سنه إذ ذاك لم تزد عن ست عشرة سنة؛ لأنه لم يشتغل بغير المطالعة، وكان إذا أشكلت عليه مسألة توضأ وقصد المسجد وصلى ودعا الله أن يسهلها عليه.

وقد عالج الأمير نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان من مرضه حين استحضره لما سمع بحكمته حتى برئ، فاتصل به، وقرب منه، ودخل إلى دار كتبه، وكانت عديمة المثل، فيها من كل فن، فظفر بما حصل عليه منها من ثمرات العلوم. واتفق بعد ذلك أن حرقت خزانة هذه الكتب (ويقال إن أبا علي هو السبب في إحراقها لينفرد بما حصله منها)، ولما اضطربت أمور الدولة السامانية خرج أبو علي من بخارى إلى قصبة خوارزم، ولم يزل ينتقل في البلاد إلى أن ذهب إلى جرجان وصنف بها «الكتاب الأوسط» ولهذا يقال له الأوسط الجرجاني، ثم بعد ذلك ذهب إلى همذان وتقلد الوزارة لشمس الدولة، ثم ثارت العسكر عليه فأغاروا على داره ونهبوها وقبضوا عليه، وسألوا شمس الدولة قتله فامتنع، ثم أطلق فتوارى. ولما مرض شمس الدولة أحضره لمداواته واعتذر إليه وأعاده وزيرا، ولما مات شمس الدولة وتولى تاج الدولة ولم يستوزره توجه إلى أصبهان، وكان بها أبو جعفر فأحسن إليه.

وكانت ولادته سنة 370، وتوفي سنة 428 بهمذان بعد أن اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم إلى من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم القرآن الكريم كل ثلاثة أيام مرة. (45) أبو العلا المعري (363-449ه)

هو أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري اللغوي الشاعر، كان متضلعا من فنون الأدب، قرأ النحو واللغة على أبيه بالمعرة وعلى محمد بن عبد الله بحلب، وله التصانيف الكثيرة المشهورة، والرسائل المأثورة، وله من النظم «لزوم ما لا يلزم»، وله «سقط الزند»، وشرحه بنفسه وسماه «ضوء السقط» وله غير ذلك، وكان علامة عصره. وأخذ عنه أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي والخطيب أبو زكرياء التبريزي وغيرهما، وكانت ولادته سنة 363 بالمعرة، وعمي سنة 367 من الجدري. وقد اختصر ديوان أبي تمام والبحتري والمتنبي، وتكلم على غريب أشعارهم ومعانيها ومآخذهم من غيرهم وما أخذ عليهم، وبعد أن لزم منزله سنة 401 سار إليه الطلبة من الآفاق، وكاتبه العلماء والوزراء وأهل الأقدار، ومكث مدة خمس وأربعين سنة لا يأكل اللحم تزهدا؛ لأنه كان يعد ذبح الحيوان تعذيبا، وعمل الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ومن كلامه في اللزوم:

لا تطلبن بآلة لك رتبة

قلم البليغ بغير جد مغزل

Shafi da ba'a sani ba