وفصل الإمام أبو المعالي ابن الجويني١ صفات المفتي، ثم قال القول الوجيز في ذلك: إن المفتي هو المتمكن من درك أحكام الوقائع على يسر من غير معاناة تعلم٢. وهذا الذي قاله معتبر في المفتي، ولا يصلح حدًّا للمفتي، والله أعلم.
تنبيهات:
الأول: ما اشترطناه فيه من كونه حافظًا لمسائل الفقه، لم يعد من شروطه في كثير من الكتب المشهورة، نظرًا إلى أنه ليس شرطًا لمنصب الاجتهاد، فإن الفقه من ثمراته فيكون متأخرًا عنه، وشرط الشيء لا يتأخر عنه.
واشترطه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني٣، وصاحبه أبو منصور البغدادي٤، وغيرهما.
واشتراط ذلك في صفة المفتي الذي يتأدى به فرض الكفاية هو٥ الصحيح،
_________
١ هو "ركن الدولة إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، ولد في جوين "من نواحي خراسان"، أعلم المتأخرين من أصحاب الشافعي، توفي بنيسابور سنة ثمان وسبعين وأربعمائة". ترجمته في: المنتظم: ٩/ ١٨، وفيات الأعيان: ٣/ ١٩٧، تبيين كذب المفتري: ٢٧٨، العبر: ٣/ ٢٩١، العقد الثمين: ٥/ ٥٠٧.
٢ كتاب الغياثي غياث الأمم في التباث الظلم، لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني "ت٤٧٨هـ"، والرسالة للشافعي "ص٥٠٩"، المنخول: ٤٦٤.
٣ هو "الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإسفراييني، قال السبكي: أحد أئمة الدين، كلامًا وأصولا، وفروعًا، توفي سنة ثمان عشرة وأربعمائة". ترجمته في تبيين كذب المفتري: ٢٤٣، طبقات العبادي: ١٠٤، طبقات الشافعية الكبرى: ٤/ ٢٥٦.
٤ هو "الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي البغدادي الشافعي، الفقيه الأصولي النحوي المتكلم، صاحب "تفسير القرآن". و"الملل والنحل" و"الفرق بين الفرق"، وغير ذلك، توفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة"، ترجمته في إنباه الرواة: ٢/ ١٨٥، بغية الوعاة: ٢/ ١٠٥، فوات الوفيات: ١/ ٦١٣، وفيات الأعيان: ٢/ ٣٧٢.
٥ في ف "وهو".
1 / 88