ابن حبيب الماوردي١، أحد المصنفين الشافعيين، قال: "صنفت في "البيوع"، كتابًا جمعت له ما استطعت من كتب الناس، وجهدت فيه نفسي، وكددت فيه خاطري، حتى إذا تهذب واستكمل، وكدت أعجب به، وتصورت أنني أشد الناس اضطلاعًا٢ بعلمه حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه٣ في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل، لم أعرف لشيء منها جوابًا، فأطرقت مفكرًا، بحالي٤ وحالهما معتبرًا. فقالا: أما عندك فيما سألناك جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟
قلت: لا. فقالا: إيهًا لكَ، وانصرفا، ثم أتيا من قد يتقدمه في العلم كثيرٌ من أصحابي، فسألاه، فأجابهما مسرعًا بما أقنعهما، فانصرفا عنه راضيين بجوابه، مادحين لعلمه، فبقيت مرتبكًا، وإني لعلى ما كنت عليه في تلك المسألة إلى وقتي، فكان ذلك لي زاجر نصيحة، ونذير عظة"٥. وقال: "القاضي"٦ أبو القاسم الصيمري٧ أحد الأئمة٨ الشافعيين، ثم أبو بكر الخطيب الحافظ٩، الفقيه
_________
١ هو "الإمام الجليل القدر أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي قال الخطيب: كان من وجوه الفقهاء الشافعيين، وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه، وغير ذلك. توفي سنة خمسين وأربعمائة". ترجمته في: تاريخ بغداد: ١٢/ ١٠٢، البداية والنهاية: ١٢/ ٨٠، العبر: ٣/ ٢٢٣، معجم الأدباء: ١٥/ ٥٢، طبقات الشافعية الكبرى: ٥/ ٢٦٧.
٢ كذا في الأصل ومثله في "أدب الدين والدنيا". وفي ف وج "اطلاعًا" ومثله في طبقات الشافعية الكبرى: ٥/ ٢٦٩.
٣ في ش: "عاقداه".
٤ في ش: "وبحالي".
٥ "أدب الدين والدنيا" للماوردي: ٥٧. ونقل السبكي هذه الفقرة أيضًا في طبقات الشافعية الكبرى ٥/ ٢٦٩.
٦ من ف وج وش.
٧ هو "أبو القاسم عبد الواحد بن الحسين بن محمد القاضي الصيمري: بفتح الصاد المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح الميم، وفي آخرها الراء ... منسوبًا إلى نهر من أنهار البصرة، يقال له: الصيمري، ومن تصانيفه: "الإيضاح في المذهب"، وكتاب صغير في "أدب المفتي والمستفتي"، توفي بعد سنة ست وثمانين وثلاثمائة". ترجمته في طبقات الشافعية الكبرى: ٣/ ٣٣٩، تهذيب الأسماء واللغات: ٢/ ٢٦٥، طبقات الشيرازي: ١٠٤، طبقات ابن هداية الله: ١٢٩.
٨ في ش "أئمة".
٩ هو "الحافظ الكبير محدث الشام والعراق، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. قال فيه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: أبو بكر الخطيب يشبه الدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه ... توفي سنة ثلاث وستين وأربعمائة"، ترجمته في: إرشاد الأريب: ١/ ٢٤٦، البداية والنهاية: ١٢/ ١٠١، تذكرة الحفاظ: ٣/ ١١٣٥، المنتظم: ٨/ ٢٦٥، وفيات الأعيان: ١/ ٢٧.
1 / 83