وكان فولتير يقول عن نفسه كلمة أحب أن أقولها عن نفسي، وأفخر بها: «لست عميقا، ولكني على الدوام واضح.»
لغة الشعب، لغة الصحافة، يجب أن تكون لغة الوضوح، وعلينا - نحن الكتاب - أن نهدف إلى بلاغة شعبية جديدة، فننزل إلى الشعب قبل أن نرفعه إلينا، بل إننا لن نستطيع أن نرفعه إلينا إلا إذا نزلنا إليه، يجب أن نهدم الحاجز الذي يفصل بين الشعب وبين الأدب باتخاذ الأسلوب الميسر والكلمة المألوفة، ويجب أن ننأى به عن «أردشير» ونحدثه عن «أينشتين» وعن إلغاء الفقر والجهل والمرض، وعن حق الشبان في السعادة وحق المرأة في الإنسانية.
ويجب أن نؤلف المقالة والقصة والكتاب للشعب، ونعرض على شبابنا الآداب والفنون التي تخصب حياتهم وترفعهم من الاهتمامات الشخصية الوضيعة إلى المشكلات الاجتماعية والبشرية، حتى يحيوا الحياة التاريخية، وحتى يحس كل منهم أنه بطل له رسالة وله شرف.
رسالة وشرف، أي شيء في الدنيا أعظم من هذا؟ •••
هو وجدان جديد ذلك الذي حفز رجال الثورة إلى الاحتفال بنقل رفات «الجندي المجهول» إلى ميدان الحرية؛ حيث دفن في المكان الذي كان مخصصا لإقامة تمثال للملك الأسبق فؤاد.
أصبح الشعب في وجدان الحاكمين، في ضميرهم، أما قبل ذلك فكان الملك يحتل قلوب الحاكمين وعقولهم، وكان كل شيء.
ولهذا التغير في الوجدان السياسي الاجتماعي قيمة رمزية كبيرة للأدب، ذلك أن الجندي يمثل الشعب في كثرته، بل سواده، ولما كانت الثورة تعتمد على الشعب، فإنها يجب أن تشيد بالجندي كما تشيد بالضابط، بل بالجندي أكثر من الضابط.
لقد ارتفع الشعب عند رجال الثورة إلى مقام جديد، ودخل في وجدانهم، ولذلك تذكروا الجندي المجهول.
هل كان يمكن لفاروق أن يتذكر هذا الجندي المجهول؟
الجواب: لا؛ لأنه لم يكن يعتمد على الشعب، وكان إحساسه ينأى عن إحساس الشعب.
Shafi da ba'a sani ba