الديوان فرآه الناس فقال فيه بعض الشعراء:
رأيت الوزير كثير الشكوك ... بعيد الإفاقة من غفلته
فما عرف الجد من والد ... ولا اسم ابنه الفذ من كنيته
رأيت الكتابة قد عطلت ... ورسم البلاغة في دولته
وأغفل كاتب سليمان بن عبد الملك الإعجام في كتاب كتبه إلى عامله بالمدينة يأمره بإحصاء المخنثين فقال له: احص من قبلك من المخنثين. فقرأه اخض، فخصى منهم جماعة حتى خصى الدلال، فقال: الآن والله أشبهنا النساء، هذا والله الختان الأكبر.
وأخرج كتاب عبيد الله بن سليمان على عامل مالًا، فتظلم منهم، فوقع عبيد الله " هذا هذا " فقدر الرافع لبعد ذهنه أنه وقع هذا هذا أي حجة ثابتة كما تقول: أنت أنت، وأنا أنا، فأخرج التوقيع إليهم فقال: قد قبل حجتي، فلم يعرفوا ذلك، وجاءوا بالتوقيع إلى صاحب الديوان، فرده إلى عبيد الله بن سليمان واستأمره فيه، فما زاد عبيد الله على أنه شدد الذال، ووقع تحته: الله المستعان، كأنه نسب صاحب التوقيع إلى الهذيان. ومثل هذا كثير جدًا وإنما جئنا بطرف منه.
حدثني يعقوب بن بيان قال: حدثني علي بن الحسين قال: لما أخرج بغا إلى منبج وقلدها، كان معه كاتب فقرًا عليه يومًا كتاب عامل بسمساط وأن فلانًا سقط عن برذونه، يريد عن برذونه، فقال له بغا: وما برذونه ويحك؟ فقال: جبل بين سمساط والروم وهو الحد بينهما، فلم يدر من أي شيء يتعجب! من تصحيفه أم من احتجاجه بما احتج به. وكتب بعض الكتاب إلى رجل كتابًا فدقق خطه فيه فكتب الرجل إليه: ما كاتبتني وإنما عوذتني! شبه كتابه بالتعويذ.
1 / 59